إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









1

1. المناخ الصحراوي

يتسم المناخ الصحراوي بالجفاف، الذي لا يرتبط بكمية أمطاره فقط، بل بدرجة الحرارة، وسرعة الرياح، والرطوبة الجوية، ونوعية التربة كذلك. وعلى الرغم من أن كثيراً من العلماء، يحددون المناخ الصحراوي بالمناطق، التي لا تزيد فيها كمية المطر السنوية على 250 مليمتراً، فإن منطقة التندرا، التي لا تزيد كميتها على ذلك، لا تُعَد منطقة صحراوية. وكذلك بعض المناطق، التي تناهز أمطارها السنوية 500 مليمتر تتسم بالجفاف، وعدم قدرتها على إنتاج أي محصول زراعي؛ لأنها تَفقِد معظم الأمطار بالتبخر والجريان السطحي.

لذا، فإنه لا يمكن تحديد المناخ الصحراوي، بالاعتماد على معدل المطر السنوي فقط، بل بمراعاة قِلّته أو زيادته على معدل التبخر والنتح الإمكاني السنوي كذلك؛ إضافة إلى فصل سقوط الأمطار. ومعدل التبخر والنتح الإمكاني، يعتمد اعتماداً أساسياً على كمية الأشعة الشمسية الساقطة، ودرجة الحرارة، ورطوبة الهواء، وسرعة الرياح؛ ولذلك، فهو، في المناطق الحارة، إبّان الصيف خاصة، أعلى منه في المناطق الباردة، ولاسيما في فصل الشتاء.

ومعظم المناخات النطاقية، تتراجع فاعلية المطر فيها، في غير اتجاه، لتتحول إلى مناخات صحراوية. فالمناخ المداري، تتراجع فاعلية المطر فيه، في اتجاه الشمال، في نصف الكرة الشمالي، وفي اتجاه الجنوب، في نصفها الجنوبي؛ ليصبح مناخاً صحراوياً. أمّا المناخ المعتدل الدافئ، فإنه يتحول إلى مناخ صحراوي، عند تجاوز حدود المناطق المتأثرة بالرياح الغربية، في الجزء الجنوبي منه، في نصف الكرة الشمالي، وفي الجزء الشمالي من النطاق نفسه، في نصفها الجنوبي. كما أن المناخ البارد، يتحول، تدريجاً، إلى مناخ صحراوي، بالاتجاه شرقاً من السواحل الغربية للقارات، حيث الرياح الغربية، قد فقدت معظم رطوبتها.

وتقسم الصحاري إلى نوعَين؛ بحسب درجة حرارة فصل الشتاء: صحارٍ حارة وأخرى باردة. فالأُولى هي تلك التي لا يقلّ متوسط حرارتها، في أبرد شهور السنة، عن ست درجات مئوية؛ والصحاري الباردة، هي ما قلّ متوسط حرارتها عن ذلك.

أ. الصحاري الحارة

تنشأ الصحاري، المدارية وشبه المدارية، أساساً، عن الضغوط الجوية المرتفعة، ذات الهواء الهابط. وتسهم في نشوئها، كذلك، التيارات المحيطية الباردة، قرب السواحل الغربية للقارات، في العروض المنخفضة. وتسود الصحاري الحارة بين خطَّي العرض 15 و30 درجة، شمالاً وجنوباً، في نصفَي الكرة، الشمالي والجنوبي، على التوالي؛ فلا تصل، إذاً، إلى الأطراف الشرقية من القارات، التي تسودها مناخات مدارية موسمية؛ ولكنها تمتد، غرباً، إلى سواحلها المتأثرة بالتيارات المحيطية الباردة (انظر شكل الصحاري الحارة). وتنقسم الصحاري الحارة، وفقاً لمواقعها وعوامل نشوئها، إلى نوعَين، هما: الصحاري الحارة القارية، والصحاري الحارة الساحلية. ويتشابه هذان النوعان في قِلة الأمطار، وهبوط فاعليتها؛ ويختلفان في فصليتها، ودرجة الحرارة، وعوامل المناخ الأخرى.

(1) الصحاري الحارة القارية

تسود الصحاري الحارة القارية عروض الضغوط المرتفعة المدارية، حيث الهواء هابط؛ ما يحُول دون التكاثف، ثم التساقط؛ وتقع في وسط القارات وغربيها، بعيداً عن الرياح الموسمية، التي تهب على غربي القارات، في تلك العروض. وهي تتسم بقِلة الأمطار السنوية وتذبذبها؛ إذ يبلغ تساقطها، في بعض السنوات، ضعف متوسطها السنوي؛ ولا يتجاوز، في سنوات أخرى، 25% منه. وتتسم الأمطار، في هذه الصحاري، بفجائيتها وغزارتها؛ إذ قد يتساقط أكثر من نصف الأمطار السنوية، في يوم واحد، بل في ساعات منه؛ ما قد يسبب سيولاً وفيضانات جارفة. ومصداق ذلك مدينة يوما، في صحراء أريزونا، في جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تلقت 280 مليمتراً من الأمطار، عام 1905؛ بينما لم تتلقَّ سوى 25 مليمتراً، عام 1899. أمّا محطة تامنراسيت، في الجزائر، الواقعة في الصحراء الكبرى، في شمالي القارة الإفريقية، فقد تلقت، في إحدى السنوات، نحو 160 مليمتراً؛ بينما لم تتلق سوى 6 مليمترات، في سنة أخرى.

والرطوبة النسبية للهواء منخفضة جداً، في الصحاري الحارة القارية؛ إذ تراوح بين 36%، في فصل الشتاء، و25%، في فصل الصيف؛ وقد تَقِلّ عن 15%، في بعض الأيام. وهي في الليل أعلى منها في النهار؛ نظراً إلى عملية التبريد، أثناء الليل، من خلال فقدان الأرض لحرارتها، الناجمة عن التسخين الحاد لأشعة الشمس شبه العمودية، أثناء النهار. ويزيد من حدة التسخين النهاري، والتبريد الليلي، أن السماء خالية من الغيوم؛ ما يسمح لأشعة الشمس بالوصول إلى السطح، أثناء النهار؛ ويتيح للأشعة الطويلة المنبعثة منه، أثناء الليل، الخروج من الغلاف الجوي.

والمدى الحراري، السنوي (فرق في متوسط الحرارة بي أحر شهور السنة وأبردها)، واليومي (الفرق بين درجة الحرارة العظمى، أثناء النهار، ودرجتها الصغرى، أثناء الليل) ـ كبير جداً، في الصحاري الحارة القارية، حيث يراوح أوّلهما بين 11 و17 درجة مئوية؛ ويراوح الثاني بين 14 و25 درجة مئوية؛ بل قد يطاول، في بعض الحالات 40 درجة مئوية. وكثيراً ما تتعدى درجة الحرارة العظمى، أثناء فصل الصيف، في بعض مناطق الصحاري الحارة القارية، الخمسين درجة مئوية؛ بل بلغت 57 درجة مئوية، في وادي الموت، في جنوبي ولاية كاليفورنيا، في جنوب غربي الولايات المتحدة الأمريكية؛ و58 درجة مئوية، في الصحراء الكبرى، في ليبيا. أمّا درجة الحرارة الصغرى، فكثيراً ما تنخفض إلى ما دون الصفر المئوي، بل قد تهبط، أثناء الليل، في أبرد شهور السنة، إلى عشر درجات دونه.

ومن أهم الصحاري الحارة القارية: الصحراء الكبرى، والصحراء العربية، والصحراء الإيرانية، والصحراء الهندية، والصحراء الأسترالية، والصحراء الأمريكية، والصحراء الجنوب إفريقية، وصحراء القرن الإفريقي.

(أ) الصحراء الكبرى

الصحراء الكبرى Sahara Deset، هي أكبر صحاري العالم؛ إذ تغطي مساحة شاسعة من شمالي القارة الإفريقية، تمتد من المحيط الأطلسي، في الغرب، إلى البحر الأحمر، في الشرق، يناهز طولها 5150 كيلومتراً (3200 ميل). كما تمتد من سواحل البحر الأبيض المتوسط، شمالاً، إلى حوض نهر النيجر، في الجنوب، ليناهز عرضها 1610 كيلومترات (ألف ميل). وتقدَّر هذه المساحة الشاسعة بنحو 906500 كيلومتر مربع (3.5 ملايين ميل مربع). وتضم المغرب، وموريتانيا، والصحراء الغربية، والجزائر، وتونس، وليبيا، وتشاد، ومصر، والأجزاء الشمالية من السودان، ومالي، والنيجر (انظر شكل الصحراء الكبرى).

والمطر قليل جداً، في الصحراء الكبرى، حيث لا يزيد معدله السنوي على 5 سنتيمترات. ويزداد هذا المعدل قِلَّةً، في الأجزاء الداخلية، فلا يتجاوز، في القاهرة، ثلاثة سنتيمترات؛ بل هو دون ذلك، في الصحراء الليبية. أمّا في الأجزاء الساحلية، فقد يزيد على عشرة سنتيمترات. وتهطل الأمطار على الأجزاء الشمالية من الصحراء الكبرى، خلال فصل الشتاء، بسبب مرور المنخفضات الجوية الجبهية، الآتية من الغرب. أما أجزاؤها الجنوبية فتهطل أمطارها في فصل الصيف؛ نظراً إلى انتقال نطاق الأمطار الحملانية الاستوائية نحو الشمال.

(ب) الصحراء العربية

تشغل الصحراء العربية الجزء الجنوبي الشرقي من قارة آسيا، فتشمل شبه الجزيرة العربية  (المملكة العربية السعودية، الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة، سلطنة عُمان، الجمهورية العربية اليمنية)، والعراق، وسورية، ولبنان، والأردن وفلسطين (انظر شكل الصحراء العربية).

وتَشِحّ الأمطار في الصحراء العربية، لموقعها، الفلكي والجغرافي. فوقوعها، فلكياً، في النطاق شبه المداري، الذي يسوده نظام الضغط المرتفع، ذو الهواء العلوي الهابط ـ يحُول دون التكاثف والتساقط. ووقوعها، جغرافياً، في جنوب شرقي آسيا، القارة الرحيبة ـ يحرمها التأثيرات البحرية الموسمية. يَسُوْق الأمطار إليها، في أواخر الخريف، وفي فصل الشتاء، وأوائل الربيع، بعض المنخفضات الحركية، الآتية من الغرب، والتي تجلب معها رطوبة، وتسبِّب عدم استقرار، ينجم عنه، في بعض الأحيان، تساقط. وتأثير المنخفضات الحركية، يكون واضحاً، في الأجزاء الشمالية من الصحراء العربية؛ ويتضاءل بالاتجاه نحو أجزائها الجنوبية، فيكاد يضمحل في المملكة العربية السعودية، واليمن، وعمان.

(2) الصحاري الحارة الساحلية

ما كان للصحاري الحارة الساحلية، أن تنشأ في العروض شبه المدارية، على السواحل الغربية للقارات، لولا التيارات المائية الباردة، مثل: تيار همبولدت البارد، في المحيط الهادي، بمحاذاة السواحل الغربية لبيرو، في أمريكا الجنوبية؛ وتيار بنغوليا البارد، في المحيط الأطلسي، بمحاذاة السواحل الغربية لجنوب إفريقيا؛ وتيار كناري البارد، في المحيط الأطلسي، على ساحل المغرب العربي؛ وتيار كاليفورنيا البارد، في المحيط الهادي، على سواحل ولاية كاليفورنيا، في غربي الولايات المتحدة الأمريكية؛ وتيار أستراليا البارد، على الساحل الغربي للقارة الأسترالية (انظر شكل الصحاري الحارة الساحلية). فالرياح، التي تهبّ تجاه السواحل، آتية من المحيط، تكون باردة؛ وما إن تصل إلى اليابسة حتى تعتريها السخونة، فتزداد قابليتها للرطوبة.

وتخالف الصحاري الحارة الساحلية عن نظيرتها القارية، في اعتدال درجة حرارتها، الناجمة عن التأثير المحيطي البارد؛ وفي صيفها الأكثر برودة، وشتائها الأكثر اعتدالاً؛ ما يخفض مداها الحراري السنوي تخفيضاً ملحوظاً. فالمتوسط الحراري السنوي، في مدينة كالاو Callao، في بيرو، في أمريكا الجنوبية، على ساحل المحيط الهادي ـ يناهز 19 درجة مئوية؛ ويقارب متوسط الحرارة، في أحر شهورها، 22 درجة مئوية؛ ويدنو متوسطها، في أبرد شهورها، من 17 درجة مئوية؛ ما يجعل مداها الحراري السنوي خمس درجات مئوية فقط. أمّا المدى الحراري اليومي، فهو منخفض، كذلك، مقارنة بنظيره في الصحاري القارية؛ إذ لا يزيد، في المناطق الساحلية، على 12 درجة مئوية، أيّ نحو نصف المدى الحراري في المناطق الداخلية.

وتتميز الصحاري الحارة الساحلية عن صنوها القارية، بضبابها، والارتفاع النسبي لرطوبة هوائها. ففي الصباح، تكون الرطوبة النسبية للهواء عالية جداً، فوق مستوى التشبع ببخار الماء (100%)، ما يسبب الضباب الكثيف. وبعد منتصف اليوم، تبدأ الحرارة ترتفع، والضباب ينقشع؛ وتنخفض الرطوبة النسبية إلى نحو 75%.

أمّا كميات الأمطار السنوية ونظام سقوطها على الصحاري الحارة الساحلية وتلك القارية، فلا يختلفان كثيراً؛ إذ يبلغ متوسط المطر السنوي، في السواحل الغربية لبيرو، 25 مليمتراً فقط؛ ويناهز في سواحل جنوب غربي إفريقيا، 16 مليمتراً. ويتصف مطر الصحاري الساحلية بعدم الانتظام، سواء في توزُّعه الفعلي، وفي كميته السنوية؛ إذ قد يهطل معظم أمطار السنة، في يوم واحد فقط؛ كما قد ينهمر، في بعض السنوات، أضعاف المتوسط السنوي؛ وربما لا يتساقط، في سنوات أخرى، سوى بضعة مليمترات.

ب. الصحاري الباردة

ساعدت الضغوط الفصلية المرتفعة على نشوء الصحاري الباردة، في العروض المتوسطة، في قلب القارات الكبرى، بعيداً عن التأثيرات البحرية؛ ويبرز ذلك جلياً في القارة الآسيوية (انظر شكل الصحاري الباردة). ولم يَحُل تشابُه الصحاري، الباردة والحارة، في قِلة الأمطار وعدم إمكانية الاعتماد عليها في الزراعة؛ دون اختلافهما في قساوة فصل الشتاء، والمدى الحراري السنوي الكبير. ففي مدينة طشقند، في صحراء وسط آسيا، على خط العرض 41 درجة، شمالاً، يبلغ متوسط الحرارة، في يوليه، 32.8 درجة مئوية؛ وينخفض، في يناير، إلى درجتَين دون الصفر المئوي.