إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









القسم الأول: الجغرافيا الطبيعية
ب. التكاثف Condensation

تتحول كميات هائلة من الغازات في الجو من حالتها الغازية إلى الحالة السائلة ثم إلى الحالة الصلبة عن طرق التكاثف، أو من الحالة الغازية إلى الحالة الصلبة مباشرة عن طريق التسام Sublimation. ويقصد بالتكاثف تحول بخار الماء الموجود في الجو من حالته الغازية إلى جسم سائل أو صلب يمكن رؤيته بالعين المجردة، فعندما تنخفض درجة حرارة الهواء إلى نقطة التجمد أو نقطة الندى ـ بالقرب من سطح الأرض ـ يتعرض بخار الماء في الهواء لعمليات التكاثف، التي تتخذ صوراً مختلفة، منها الندى Dew، والصقيع Frost، والضباب Fogs بأنواعه المختلفة. أمّا إذا انخفضت درجة الحرارة عند المستويات المرتفعة جداً من سطح الأرض، فيتعرض بخار الماء الممثل في الهواء لعمليات التكاثف التدريجية والفجائية وتتخذ مظاهر مختلفة منها البرد Hail، والثلج Snow، والسحب Clouds، والمطر Rain.

1- بعض مظاهر التكاثف في الهواء القريب من سطح الأرض

أ- الندى Dew

وهو عبارة عن قطرات مائية تُشاهد في الصباح الباكر على أوراق النباتات، وأسوار الحدائق، وزجاج النوافذ، وغيرها من الأجسام الصلبة المعرضة للجو نتيجة لتكاثف بخار الماء في الهواء الملاصق لها. ويحدث ذلك عندما تنخفض حرارة تلك الأجسام أثناء الليل، وتهبط إلى نقطة الندى (الصفر المئوي) الخاصة بالهواء الملامس لها. ويساعد على تكوين الندى صفاء الجو وخلوه من السحب أثناء الليل. وقد لا يكون للندى أهمية في المناطق الرطبة، أمّا بالنسبة للمناطق الحارة الجافة فيساهم الندى في سرعة نمو النباتات والأعشاب في تلك المناطق.

ب- الصقيع Frost

وهو يشبه الندى من حيث أوقات ومواقع تكونه إلاّ أنه يختلف عنه في التكوين، حيث يتألف من بلورات صغيرة من الثلج، ويرجع ذلك إلى انخفاض درجة حرارة الهواء الملامس لسطح الأرض إلى أقل من الصفر المئوي، وغالباً ما يكون هذا الانخفاض انخفاضاً فجائياً، بحيث تتجمد الغازات الجوية الملامسة لسطح الأجسام المعدنية والقريبة من سطح الأرض تجمداً مباشراً، وهو ما يسمى بعملية التسام.

وإذا كان الندى يفيد نمو النباتات، فإن الصقيع يؤدي إلى إتلاف النباتات خاصة عند بداية نموها. وقد ينجم عنه حدوث أضرار بالغة بمزارع الأشجار المثمرة والحدائق، ويضطر المزارع إلى إشعال مواقد خاصة تُصف بين الأشجار المزروعة لتدفئتها ليلاً. وبخلاف الندى الذي يزول أثره إذ كانت الرياح شديدة، فإن الصقيع تقل أخطاره إذ كان الهواء ساكناً، وتزداد أضراره إذ كانت سرعة الرياح شديدة.

ج- الضباب Fog

وهو عبارة عن ذرات مائية خفيفة الوزن تتطاير في الهواء ويزداد ثقلها مع اقترابها من سطح الأرض. وتقل عند حدوثه الرؤية عن كيلومتر واحد أو أقل، أمّا إذا كانت الرؤية أكثر من الكيلومتر فيعرف في هذه الحالة باسم الشابورة Mist، وفي الحالة الأخيرة سرعان ما تنقشع عند سطوع الشمس في الصباح الباكر. ومن ثم، فإن قياس الضباب يعتمد على قياس مدى الرؤية السائدة في المنطقة Prevailing Visibility. لتقدير مدى الرؤية في الممرات الرئيسية بالمطارات، يستخدم جهاز الترانسميسومتر Transmissometer لقياس سرعة انتقال الضوء Transmission of Light على طول ممر ثابت.

ونظراً لخطورة حدوث الضباب على سلامة حركة الطيران والنقل البري، فقد وضع العلماء مقياساً دولياً للضباب (يقيس من صفر إلى 9) (انظر ملحق مقياس الضباب)، ويعتمد هذا المقياس على المشاهدة بالعين المجردة، تبعاً لأقصى مسافة يمكن للعين رؤية معالم الأشياء عندها بوضوح.

ويمكن تقسيم الضباب إلى عدة أنواع تبعاً للظروف، التي يحدث بسببها التكاثف، إلى الأنواع التالية:

- ضباب اليابس Land Fog أو ضباب الإشعاع Radiation Fog

ويتكون في المناطق المنخفضة من اليابس في الليالي الرطبة الصافية الخالية من السحب، حيث يفقد سطح الأرض حرارته بالإشعاع ويبرد الهواء الملامس له ويتكاثف ما يحمله من بخار الماء بالقرب من السطح مكوناً الضباب. ولهذه الظروف يغلب حدوث هذا النوع من الضباب في أشهر الشتاء، وتشتد كثافته في الجزء الأخير من الليل والجزء الأول من النهار.

- ضباب البحر Sea or Advection Fog

وهو أقل سمكاً من ضباب اليابس. ويتكون نتيجة لانتقال هواء دافئ رطب فوق مياه باردة نسبياً، كما هو الحال عندما يتحرك الهواء، الذي يعلو التيارات البحرية الدفيئة، ويمر فوق تيارات بحرية باردة، لهذا يزيد الضباب عند مناطق التقاء التيارات البحرية الدفيئة والباردة، مثل منطقة جزر اليابان، حيث يلتقي تيار كيروسيفو الدافئ بتيار كمتشتكا البارد.

- ضباب المدن Town Fog

وهو يحدث في أجواء المدن بسبب ركود الهواء وانخفاض حرارته تبعاً لانخفاض حرارة سطح الأرض أثناء الليل، وبالتالي يتكاثف بخار الماء، ويساعد على حدوث التكاثف انتشار ذرات الغبار والكربون من دخان المصانع التي تكثر في المدن، أمّا المدن الصناعية فيتسم ضبابها بالتلوث الشديد نتيجة لما تفقده مداخن المصانع من غازات مختلفة في الهواء. ويطلق على هذا الضباب الملوثDirty Fog اسم الضباب الدخاني الأسودSmog.

2- بعض مظاهر التكاثف في الهواء المرتفع عن سطح الأرض

عندما يزداد بخار الماء في الهواء المرتفع عن سطح الأرض، ويصل إلى درجة التشبع (أي الرطوبة النسبية 100%)، يتعرض هذا الهواء لعمليات التكاثف، وينتج عن ذلك تكون عدة ظاهرات جوية منها البرد Hails، والثلج Snow، والسحب Clouds، والأمطار Rainfalls.ويلاحظ أن كلاً من البرد، والثلج، والأمطار تسقط على سطح الأرض، ويطلق على سقوطها تعبير التساقط Precipitation.

أ- البرد Hails

وهـو عبـارة عن حبات مستديرة من الثلج Lumps of Ice، يبلغ قطرها حـوالي 1.5 سم، وقد تزيد عن ذلك فيزداد قطرها إلى عشرة سنتيمترات، وترتبط نشأة البرد بحركة التيارات الهوائية الصاعدة في المناطق، التي تتعرض لصعود الهواء بشدة Extremely Strong Updrafts of Air، وبالتالي يزداد حدوث البرد في مناطق تكوين سحب المزن الركامي Cumulonimbus Cloud.

ويعد سقوط البرد في الجهات القطبية أمراً نادر الحدوث، بسبب عدم وجود التيارات الهوائية الصاعدة في تلك الجهات. كما أنه لا يسقط في الجهات الاستوائية على الرغم من وجود التيارات الهوائية الصاعدة وسحب المزن الركامي. ويعزى ذلك إلى ارتفاع حرارة الهواء في الطبقات السفلى منه، وبالتالي انصهار حبات البرد قبل وصولها إلى سطح الأرض وتحولها إلى مطر.

ب- الثلج Snow

يُعد الثلج مظهراً من مظاهر التكاثف نتيجة لتجمد بخار الماء في طبقات الجو العليا، وظهوره على شكل جسم صلب Solid، ولا يحدث ذلك إلاّ إذا انخفضت درجة حرارة الهواء إلى أقل من درجة التجمد، وقد يتكون الثلج بصورة مباشرة عن طريق التسام. وقد تختلط بلورات الثلج بماء المطر، أو قد تتعرض قطرات المطر عند سقوطها في المناطق الباردة إلى التجمد، ويُطلق على الثلج أو المطر المتجمد جزئياً اسم قطقط Sleet.

ويتكون الثلج عند بداية سقوطه على سطح الأرض من قشور هشة خفيفة الوزن، وتتطاير في الجو كالقطن المندوف، لكن عند تجمع الثلج بعضه فوق بعض يتعرض بدوره للانضغاط، ويتماسك بشدة ويصبح شديد الصلابة، ويعرف في هذه الحالة بالجليد Ice.

ويترتب على تساقط الثلج في الجهات المأهولة بعض الأضرار، مثل قطع أسلاك البرق، وتعطيل سبل النقل والمواصلات. ويترتب على تساقط الثلج أو ترسبه على أجسام الطائرات أثناء طيرانها حدوث اختلال في توازنها وضعف قدرتها على الحمل والطيران. لهذا يُفضل الطيارون عادة الارتفاعات فوق مستوى السحب خاصة إذا كانت من النوع الركامي Cumulus. وتزود بعض الطائرات بأجهزة خاصة لإزالة ما قد يترسب من الثلوج أولاً بأول.

ج- المطر Rain

يعتبر المطر من أهم مظاهر تكاثف بخار الماء في الهواء، وترجع هذه الأهمية إلى الصلة الوثيقة بينه وبين مختلف أنواع الحياة على سطح الأرض. ويسقط المطر إذا انخفضت درجة حرارة الهواء إلى مادون نقطة الندى (الصفر المئوي)، فعندئذ يبدأ بخار الماء في التكاثف، ويتحول إلى ذرات دقيقة من الماء، تتجمع على شكل سحب يزيد حجمها كما يزيد حجم هذه الذرات تدريجياً، كلما انخفضت حرارة الهواء، حتى لا تستطيع حملها فتسقط على شكل مطر.

وتنقسم الأمطار تبعاً للظروف التي تسقط بسببها إلى ثلاثة أنواع هي:

- الأمطار الانقلابية أو أمطار التيارات الصاعدة Convectional Rain

يكثر هذا النوع من الأمطار في الجهات الاستوائية، ويعزى سقوطه إلى ارتفاع حرارة سطح الأرض بفعل أشعة الشمس وتسخينها للهواء الملامس له فيتمدد ويخف وزنه إلى أعلى على شكل تيارات هوائية، تبرد، ويتكاثف ما بها من بخار، فيتحول إلى سحب من النوع المعروف بالمزن الركامي ـ كما يوضح (شكل الأمطار الإنقلابية) ـ وعندئذ تتساقط منها الأمطار خاصة خلال فترة ما بعد الظهيرة. وتتساقط هذه الأمطار الانقلابية طوال أيام السنة، وتزداد كميتها خلال فترة الاعتدالين (الربيع والخريف حيث تتعامد الشمس على خط الاستواء). وتتسم بغزارتها، وتسقط زخاّت في صورة منهمرة، لذا فهي غير مفيدة للنشاط الزراعي إذ تؤدي إلى جرف التربة وتعريتها.

- الأمطار التضاريسية Orographic or Relief Rain

وهو أكثر أنواع المطر شيوعاً. ويسقط بسبب اعتراض المرتفعات للرياح المحملة ببخار الماء، حيث تضطرها إلى الارتفاع فتبرد، ويتكاثف بخار الماء فيها ويسقط على شكل أمطار تتوقف كميتها على مقدار بخار الماء في الهواء. وتزداد كمية المطر تدريجياً على سفوح المرتفعات المواجهة للرياح الرطبة الدقيقة Windwad Slopes، كما هو الحال في السفوح الغربية لجبال الروكي (أمريكا الشمالية) المواجهة للرياح العكسية (الغربية) شتاءً، والسفوح الغربية لجبال لبنان المواجهة للرياح العكسية (الغربية) شتاءً، أّما الجوانب المظاهرة لاتجاه الرياح Leeward Slops، فتنساب إليها الرياح جافة حيث تكون قد أسقطت حمولتها على الجانب الآخر من هذه الجبال، ويُطلق على هذه السفوح الجبلية المظاهرة لاتجاه الرياح اسم مناطق ظل المطر Shadow Rain. كما يتضح من (شكل الأمطار التضاريسية).

- الأمطار الإعصارية أو أمطار الجبهات

Cyclonic or Frontal and Convergent Rain

يصحب هذا النوع من المطر الانخفاضات الجوية Depressions or Cyclone في العروض الوسطى، وتسقط الأمطار حينما تتقابل كتلة هوائية[1] دفيئة وكتلة هوائية باردة، فتضطر الكتلة الدفيئة إلى الارتفاع فوق الكتلة الباردة مما يؤدي إلى تكاثف الرطوبة العالقة بالهواء الدافئ، كما يوضح (شكل الأمطار الإعصارية)، وعادة ما تتساقط أمطار هذا النوع مصحوبة بعواصف البرق والرعد.

- التوزيع الجغرافي لكميات المطر

يبلغ المعدل السنوي لكميات الأمطار[2] الساقطة على مستوى العالم حوالي مائة سنتيمتر، وتتفاوت مناطق العالم في هذا المعدل تفاوتاً كبيراً سواء بالزيادة أو بالنقصان، ويرجع ذلك إلى عدد من العوامل، التي تتحكم في كمية المطر الساقطة وفي مواسم سقوطها فوق مختلف المناطق، ومن أهم هذه العوامل ما يلي:

* اتجاه الرياح: يؤدي اتجاه الرياح دوراً هاماً في كمية بخار الماء التي تحملها الرياح. فإذا هبت الرياح من البحر أو مسطح مائي كبير إلى اليابس فهذه الرياح تكون رطبة، ومحملة ببخار الماء، الذي يؤدى إلى سقوط أمطار. بينما لو كانت الرياح متجهة من اليابس إلى البحر فإنها تكون رياحاً جافة، وتقل فيها الرطوبة، ويُطلق عليها اسم الرياح الجافة وفرصة سقوط الأمطار بسببها تكاد تكون منعدمة.

* درجة الحرارة: يعمل ارتفاع درجة الحرارة على زيادة عمليات التبخر، خاصة في المسطحات المائية، مما يؤدى إلى ازدياد الرطوبة في الهواء، ويساعد ذلك على نشاط التيارات الهوائية الصاعدة، وسقوط الأمطار في الجهات، التي تتوفر بها المسطحات المائية. أمّا إذا حدث العكس، خاصة في المناطق، التي يقل بها المسطحات المائية، فيلاحظ أن انخفاض درجة الحرارة يؤدى إلى انخفاض نسبة الرطوبة في الهواء وعدم حدوث أي تكاثف.

* الموقع الجغرافي: يؤثر قرب أو بُعد المناطق عن البحار والمحيطات على توزيع الأمطار وكمياتها، فالمناطق، التي تحيط بها بحار واسعة ومسطحات مائية كبيرة، تكون في الغالب أكثر مطراً من المناطق، التي تبعد عن البحار، ولذا تُعد الجهات الساحلية من أغزر الجهات مطراً في العالم.

* التضاريس: تستقطب المرتفعات وقمم الجبال كمية كبيرة من الأمطار، أكثر من الكميات، التي تستقبلها السهول، ويرجع سبب ذلك إلى أن القمم الجبلية تعمل على إعاقة الرياح وإجبارها إلى الارتفاع إلى أعلى فيحدث نتيجة ذلك سقوط الأمطار، وتغزر على السفوح التي تواجه الرياح، خصوصاً، التي تكون مشبعة ببخار الماء، أما السفوح المُظاهرة للرياح فتعرف بمناطق ظل المطر، لأنها لا تستقبل أي كميات من الأمطار.

- التوزيع الجغرافي للمطر حسب الأقاليم المناخية

يُعد المطر ودرجة الحرارة أهم عناصر المناخ في تقسيم سطح الأرض إلى أقاليم مناخية Climatic Regions، وهي: الإقليم المناخي الاستوائي، والمداري، والمعتدل، والبارد، والجبلي. وتتناول الدراسة التالية عرضاً لعنصر المطر في كل إقليم مناخي

* المطر في إقليم المناخ الاستوائي

يمتد إقليم المناخ الاستوائي لمسافة تراوح بين خمس إلى عشر درجات عرضية شمال وجنوب خط الاستواء، ويبلغ متوسط درجة حرارة المناطق، التي ينتشر فيها هذا الإقليم المناخي نحو 25 درجة مئوية. وتعد الأمطار أهم العوامل، التي يمكن اعتمادها أساساً لتمييز النطاقات الاستوائية عن نطاقات المناخ المدارية.

ويسود في هذا الإقليم الأمطار الانقلابية، نتيجة لتسخين سطح الأرض الشديد، وارتفاع الهواء الساخن في صورة تيارات صاعدة، محملاً ببخار الماء، الأمر الذي يؤدى إلى تكون السحب من النوع الركامي والمزن الركامي ويتساقط منها زخات غزيرة، تبلغ أقصاها في الفترة التي تصل فيها الحرارة إلى أقصى درجة لها.

ولا تمتد الأمطار الاستوائية على جانبي خط الاستواء لمسافة كبيرة ، ويرجع ذلك إلى اختلاف توزيع اليابس والماء في كل من نصفي الكرة الأرضية، ويتميز النطاق الاستوائي بغزارة أمطاره إذ يراوح معدلـها السنـوي بين 125 ـ 200 مم ويصل أقصاها إلى ما يقرب من 500 مم كما يوضح (خريطة التوزيع السنوي للأمطار).

تسقط الأمطار على هذا النطاق يومياً على هيئة زخات شديدة شديدة، وكثيراً ما تصاحبها عواصف الرعد والبرق.

ومن أفضل الأمثلة لهذا النطاق حوض الأمازون (أمريكا الجنوبية)، الذي يصل المطر السنوي به إلى 200 سم، وحوض الكـونغو، الـذي يســود فيه المناخ الاسـتوائي ويستقبل معدل سنوي من الأمطار نحو 150 سم. وساحل خليج غينيا، الذي يقع بين دائرتي عرض 5 ـ 10 درجة شمالاً، وعلى الرغم من ذلك فهو استوائي المناخ وتهطل عليه الأمطار طوال السنة، وذلك بسبب التيارات الصاعدة من ناحية، وهبوب الرياح الجنوبية الغربية الممطرة من ناحية أخرى، ومعظم الأمطار هنا أمطار انقلابية. ومتوسط كمياتها 120 سم في السنة. والجزر الإندونيسية التي تقع في المنطقة الاستوائية. وتحظى هذه المنطقة بكميات كبيرة من الأمطار يصل متوسطها السنوي 37.5 مم.

* المطــر في إقليم المنـاخ المداري

تسود الرياح التجارية طوال السنة في معظم صحاري العالم. ويتحرك نطاق المطر الاستوائي مع الشمس شمالاً وجنوباً حركة فصلية، وتتعرض هذه المناطق لسيطرة الرياح التجارية الجافة خلال بعض أوقات السنة، كما تتعرض للتيارات الصاعدة الاستوائية حيث الأمطار الانقلابية لذا يتسم هذا الإقليم بفصلية المطر؛ وتنجم الفصلية في سقوط الأمطار عن تعاقب تأثير كل من الرياح التجارية والركود الاستوائي.

ويمكن تمييز ثلاثة نماذج للمناخ المدارى ونُظم المطر فيه:

النموذج القاري: وأهم مميزاته أن أمطاره صيفية وتظهر قمة المطر خلال فصل الصيف

النموذج البحري: ويظهر هذا النموذج على بعض السواحل الشرقية للقارات وتهطل الأمطار طول السنة، ومن أفضل الأمثلة على ذلك سواحل: موزمبيق، وجنوب شرقي البرازيل، والأرجنتين، وجنوب شرق الولايات المتحدة.

النموذج الموسمي: ويستقبل أمطاره صيفاً شأنه في ذلك شأن النموذج القاري ولكن أمطاره تكون أشد في سقوطها، والسبب في ذلك الرياح الموسمية الصيفية التي تهب من المسطحات المائية إلى اليابس، ويوجد هذا النوع في مناطق جنوب شرقي آسيا بصفة عامة.

* المطر في إقليم المناخ المعتدل

حدد كوبن Koeppen[3] نطاق هذا المناخ في المنطقة التي تنحصر بين خطى الحرارة المتساويين 18 و3 درجة مئوية تحت الصفر. ويمكن تقسيم هذا الإقليم المُناخي إلى نطاقين مناخيين هما: النطاق المعتدل الدافئ، والنطاق المعتدل البارد. وتسقط الأمطار في النطاق الأول نتيجة مرور الانخفاضات الجوية في فصل الشتاء، وحينما تعترض الجبال الرياح المحملة ببخار الماء فتسقط أمطارها (أمطار تضاريسية)، ويحدث ذلك غالباً في فصل الشتاء ويبلغ متوسط المطر السنوي 150 سم. ويتمثل هذا النطاق في الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، ووسط شيلي، وجنوب أفريقيا، وجنوب غرب أستراليا.

وتتسم أمطار النطاق الثاني بشدة غزارتها على السواحل الغربية وتقل بالاتجاه صوب الشرق، ويرجع ذلك إلى أن الرياح، التي تهب على هذا النطاق هي الرياح الغربية، كما هو الحال في نيوزيلندا، وتعمل جبال الألب على اعتراض الرياح الغربية القوية، فتسقط الأمطار بمتوسط يصل إلى 300 سم، ويحدث ذلك في جنوب شيلى ولكن بمتوسط أعلى يبلغ نحو 500 سم. ويوضح (شكل التوزيع الفصلي للأمطار) التوزيع الفصلي للأمطار على سطح الكرة الأرضية.

* المطر في إقليم المناخ البارد

يظهر هذا الإقليم في النطاق المحصور بين دائرتي عرض 50 ـ 55 درجة في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، لذا لا يزيد متوسط درجة الحرارة عن ست درجات مئوية لفترة تصل إلى ستة أشهر.

وتتميز الأمطار في المناطق البحرية من هذا الإقليم بكونها موزعة تقريباً على كافة شهور السنة، وتزيد كمياتها في فصلي الخريف والشتاء، بسبب زيادة نشاط المنخفضات الجوية في هذين الفصلين عنها في الربيع والصيف، ويبلغ متوسط عدد الأيام الممطرة نحو 200 يوم في السنة.

* المطر في إقليم المناخ القطبي

ينعدم المطر تقريباً في فصل الصيف في هذا الإقليم، وذلك لأن أحر أشهر السنة لا تزيد درجات الحرارة فيه عن 10 درجة مئوية، وفصل الصيف قصير وترتفع فيه درجة الحرارة عن الصفر المئوي، وتخلو الأرض في هذا الفصل من الثلج لفـترة تكفي لنمو النباتات التي من أهمها التندرا، ويسود هذا المناخ في شمال أوراسيا وكندا. والتساقط هنا ليس أمطاراً بل عبارة عن ثلج، ويمثل غطاء ثلجياً دائماً وهو ما يطلق عليه الثلاجات الضخمة، التي تنتج عن سقوط الثلج وعدم ذوبانه بسرعة لانخفاض درجة الحرارة أو انعدامها.

* المطر في إقليم المناخ الصحراوي

أهم ما يميز هذا الإقليم المناخي صفة الجفاف التي تسيطر عليه، والجفاف هنا ليس لندرة المطر فقط ولكن بسبب عوامل أخرى من أهمها درجة الحرارة، والرياح، ودرجة الرطوبة، ونوع التربة. واجمع كثير من العلماء على أن المناخ الصحراوي هو المحدد بخط المطر المتساوي 25 سم، وهناك عدة عوامل تؤثر في قلة المطر في هذا النطاق من أهمها: البُعد عن التأثير البحري، وأثر دورة الرياح العامة، ودور الحواجز الجبلية، وأثر التيارات البحرية الباردة، وجميعها تؤثر في كمية المطر الساقط على هذا الإقليم.

ويسقط المطر على شكل زخات شديدة أو على شكل سيول عنيفة يحدث على أثرها جريان سطحي كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، كما تتسم بتذبذب كمياتها إذ لا تسقط بصفة منتظمة فربما تنقطع لمدة تراوح من ثلاث إلى أربع سنوات.

* المطر في إقليم المناخ الجبلي

تتزايد كمية الأمطار مع تزايد الارتفاع، وتعد الجبال أكثر مطراً من المناطق المحيطة بها، أي أن الجبال تعد بمثابة جزر مطرية مقارنة بما يحيط بها، وينطبق هذا على جبال ساحل المحيط الهادي في الولايات المتحدة الأمريكية، وجبال الهيملايا جنوب قارة أسيا. وجبال الألب في أوروبا.

وتعد الأمطار في المناطق الجبلية المصدر الهام والرئيسي للماء في هذا النطاق. وهناك أنهار تستمد مياهها من هذه الأمطار كما هو الحال بالنسبة لنهر الكولورادو، الذي يستمد مياهه من جبال روكي المصدر الأساسي للاستغلال الزراعي في وادي امبريـال الجاف جنوب كاليفورنيا، وكذلك بالنسبة لنهــر النيـل مصـدر الحـياة لسكـان الـوادي في السودان ومصر.

وتتميز المنحدرات المواجهة للرياح بكونها أكثر مطراً من المنحدرات المظاهرة للرياح، كما أن أعالي المنحدرات الأخيرة أكثر مطراً من أقدامها، ويرجع ذلك إلى أن التيارات الهوائية الصاعدة على الجوانب المواجهة للرياح لا تبـدأ بالـهبوط على الجانب الآخر إلاّ بعد أن تتـجاوز الـقمة لمسـافة محدودة.

 



[1] الكتلة الهوائية عبارة عن حجم كبير من الهواء، الذي يتميز بعظم تجانسه وبتشابه خواصه الطبيعية، خاصة درجات الحرارة، ومقدار الضغط، ونسبة الرطوبة فيه. وتتكون الكتل الهوائية فوق مناطق واسعة المساحة، قليلة التضرس، وكذلك فوق المسطحات المائية، على أن تكون حركة الرياح ضعيفة في هذه المناطق.

[2] تُستخدم لقياس المطر أجهزة متعددة، وأكثرها انتشاراً جهاز Rain Gauge الذي يُستخدم في معظم محطات الأرصاد الجوية، وهو يتكون من أسطوانة معدنية يصل قطرها إلى 20 سم، بداخلها قمع مُركب فوق إناء لجمع الماء، ومخبار مدرج لقياس كمية الماء المتجمع. وهذا المخبار مُقسم إلى سنتيمترات على جانب، وإلى بوصات على الجانب الآخر، ويدل ارتفاع الماء، الذي يتجمع في المخبار على كمية المطر، التي سقطت خلال فترة الرصد، ويعمل هذا الجهاز آلياً.

[3] فلاديمير كوبن W. Koeppen: عالم ألماني، له عدة مؤلفات مناخية، نُشرت فيما بين عامي (1900-1936)، ظهر فيها تقسيمه للعالم إلى أقاليم مناخية.