إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

2- المادة الأصل Parent Material Factor

تؤثر المادة الأصلية، أو المادة الأم Parent Material، في العديد من خصائص التربة، تأثيراً متفاوتاً. فيكون كبيراً جداً، في الأقاليم الجافة، وفي الترب الحديثة، التي ما زالت في بدايات عملية التكون. أما في الأقاليم الرطبة، والترب القديمة، التي تعرضت لعمليات تكوّن التربة، لمدة طويلة ـ فإن عوامل تكوّن التربة الأخرى، تكون قد غطت على تأثير المادة الأصل في خصائص التربة. كما يرتبط ذلك التأثير بمدى ثبات المعادن المكونة للمادة الأصل، وقابلية الصخور للتجوية الكيماوية.

أ- ثبات المعادن Mineral Stability

تختلف المعادن في مقاومتها للتجوية الكيماوية[1]، فبعضها يتجوى بسرعة، في غضون آلاف السنين، بينما يحتاج بعضها الآخر إلى ملايين السنين؛ ما يجعله مقاوماً لعدة دورات رسوبية. ويمكن ترتيب المعادن، بالنسبة إلى مقاومتها للتجوية، بعدة طرائق، أهمها دراسة معادن التربة، ومقارنتها بالمعادن المكونة لمادة الأصل[2]، التي اشتقت منها؛ وملاحظة مقدار تلاشيها، ودلائل تحولها إلى معادن طين. ومن الرواد الأوائل، في هذا العمل، العالم جولدتش Goldich، الذي وضع سلسلة للثبات النسبي للمعادن الرئيسية، المكونة للصخور. وقد وجد أنه كلما ازداد عدد أيونات الأكسجين، المشتركة بين رباعية الأسطح للسليكون Silica tetrahedra[3] في معادن السليكات[4]، ازداد ثبات المعدن ومقاومته للتجوية. ولذلك، فإن معدن الأوليفين Olivine، الذي تكون فيه رباعيات الأوجه للسليكا، غير مترابطة (نيزوسيليكات) Nesosilicate ـ هو أقلّ معادن السليكات مقاومة للتجوية. بينما يكون أشدها مقاومة معدن المرو (الكوارتز) Quartz، الذي يمثل شبكة من رباعيات أوجه السليكا، في جميع الاتجاهات (تكتوسليكات) Tectosilicate، (انظر جدول التوصيل الحراري لمكونات التربة، وجدول ترتيب المعادن في أحجام الطين، حسب سهولة تجويتها). ولذلك، تحتوي التربة على مقدار كبير من المرو؛ بينما لا يوجد معدن الأوليفين، إلا في ترب المناطق الصحراوية، التي تكون فيها التجوية الكيماوية محدودة، بسبب قلة الأمطار؛ أو في الترب حديثة التطور، التي لم تتعرض المعادن فيها للتجوية، فترة كافية.

ب- قابلية الصخور للتجوية الكيماوية

تتجوى الصخور بمعدلات مختلفة، كما هو واضح من التغيرات الطبوغرافية، التي تلازم الاختلافات في أنواعها. فالصخور، التي تحتوي على نسب كبيرة من المعادن سريعة التجوية، تتجوى أسرع من الصخور، التي تكون نسبة المعادن المقاومة فيها كبيرة. كما أن حجم حبيبات الصخر، يؤثر في معدل التجوية، في الصخور النارية[5] خشنة القوام، مثل الجرانيت[6] Granite، أعلى منه في الصخور المشابهة لها في التركيبة المعدنية، إلا أن نسيجها أنعم، مثل الرايولايت[7] Rhyolite.

وتختلف آلية التجوية في الصخور التي تحتوي على معدن البايوتيت[8] Biotite، عنها في الصخور الخالية منه؛ إذ يكون معدل التجوية مرتفعاً في الأولى،، سواء كانت نارية أو متحولة[9]. ويرجع السبب في ذلك إلى أن معدن البايوتيت، لا يتجوى بمعدل أعلى من المعادن الأخرى فقط، بل قد يتحور[10] إلى معادن طين، تشغل حجماً أكبر من المعدن الأصلي؛ ما يؤدي نقاط ضغط عديدة، في داخل الصخر، تسهم في تفتته، على شكل حبيبات منفرطة. ويبدو هذا التأثير لمعدن البايوتيت واضحاً، بمقارنة نطاق التجوية في الصخور الجرانيتية، وصخور الجابرو[11]؛ ففي الأولى، يمتد نطاق التجوية إلى سمك، قد يتعدى عدة أمتار، تعرف باسم السابرولايت Saprolite، والذي يكون فيه معدن البايوتيت قد تجوى، وبلورات المعادن الأخرى، مثل المرو والفلسبار، قد انفرط بعضها عن بعض. أما في صخور الجابرو، فإن التجوية تتقدم في الصخر ببطء، حبيبة فحبيبة؛ ما يجعل نطاق التجوية فيها مليمتراً واحداً، أو أقلّ.

أما الحجر الجيري، المكون، أساساً، من معدن الكالسايت CaCO3، فيتجوى بسرعة، في الأقاليم الرطبة المعتدلة، حيث تنشط عملية التجوية بالكربنة، لتوفر الرطوبة، والتركز العالي لثاني أكسيد الكربون في التربة، الناجم عن توافر المواد العضوية على السطح، وانخفاض درجة الحرارة، التي تزيد من قابليته للذوبان في المحلول المائي، ثم ذوبان معدن الكالسايت، كما في المعادلات الكيماوية التالية:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


لذا، تكون مناطق الصخور الجيرية، في المناطق المعتدلة الرطبة، أحواضاً منخفضة عن المناطق المجاورة لها، المكونة من صخور أكثر مقاومة للتجوية.

أما في الأقاليم الجافة، فإن الحجر الجيري، يكون شديد المقاومة للتجوية؛ لذا، فهو يُكوّن الطبقات العلوية، في العديد من الجالات Questas، التي تتكون في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، بسبب التفاوت في سرعة تجوية الطبقات الصخرية (انظر صورة الصخور الجيرية).

ج- تأثير المادة الأصل في تكوّن معادن الطين

تتحكم المادة الأصل، سواء كانت معدناً أم صخراً، في نوعية معادن الطين؛ لأن التجوية الكيماوية، هي التي تطلق مكونات تلك المادة، على شكل أيونات، في المحلول المائي؛ لتتكون منها المعادن الثانوية، مثل معادن الطين. لذلك، فإن نوعية الأيونات وتركزها، ونسبة السليكا إلى الألمنيوم في المادة الأصل ـ لها أهمية كبيرة في تحديد نوعية معادن الطين في التربة؛ إذ الصخور والمعادن، المختلفة التركيب الكيماوي، عندما تتجوى، في بيئة واحدة، تنتج معادن طين مختلفة. وهو ما استنتجه، مثلاً، بارنهيسل وريتش Barnhisel, R. and C. Rich، عندما أخذا عينات من صخور مختلفة، في قطاع تجوية واحد، أن الصخور الفقيرة في القواعد، (Fe-Mg) مثل: الجرانيت Granite، والنيس[12] Genisse، يسود معدن الكالينيت Kaolinite في نواتجها؛ بينما تسود معادن السمكتايت[13] Smectites في نواتج الصخور القاعدية، مثل الجابرو Gabbro.

ويمكن ملاحظة تغاير أنواع الطين، في مستوى أنواع المعادن الأولية. ففي جزر هاواي، وجد بيتز Bates، أن معدن البلاجوكلاس[14]، ينتج معدن الهولويسايت Halloysite؛ بينما معدن الأوليفين Olivine المجاور، يتحول إلى معدن المونتموريلونيت Montmorillonite. أما تاردي، وآخرون فقد لاحظوا أن نواتج التجوية من معادن الطين، للمعدن الأولي، تتغير بتغير المناخ (انظر جدول ترتيب المعادن في أحجام الغرين والرمل، حسب سهولة تجويتها). وبشكل عام، يمكن القول، إن تأثير المعدن الأولي في نوعية معدن الطين، سيكون واضحاً بشكل كبير في الترب، التي يكون فيها معدل الغسل منخفضاً، لكن هذا التأثير يتلاشى، مع ازدياد ذلك المعدل.

د- تأثير قوام المادة الأصل، من الرواسب غير المتماسكة

يتبين تأثير قوام المادة الأصل في تكوّن التربة، عندما تُقارن ترب متشابهة في عوامل التكون، عدا قوام المادة الأصل، لأن القوام يتحكم في عمق الغسل في التربة؛ ما يؤثر في العديد من خواصّها. فمعدل الغسل، عند تساقط محدد يكون في الترب خشنة القوام (الحصباء)، أعلى منه في تلك الناعمة القوام، كالترب الطينية ـ الومية. كما أن الترب ناعمة القوام، تكون أكثر احتفاظاً بالرطوبة؛ ومساحة أسطح المعادن فيها، المعرضة للتجوية، أكبر من تلك الموجودة في الترب خشنة القوام. لذلك، تكون الترب ناعمة القوام أسرع تجوية، وأسرع في تراكم معادن الطين.

أما بالنسبة إلى تراكم كربونات الكالسيوم CaCO3، والجبس CaSO4 . 2H2O، والهاليت NaCl، فإنه يكون قريباً من سطح التربة، في الترب ناعمة القوام، في الأقاليم الصحراوية وشبه الصحراوية، ويزداد العمق من سطح التربة، إلى الآفاق التي تتراكم فيها هذه الأملاح، كلما كان قوام التربة أكثر خشونة (انظر شكل تأثير قوام المادة الأصل في عمق الغسل).

هـ- نموذج من تحكم المادة الأصل في تكوّن التربة

لقد وجد كلين، أن الترب المشتقة من الصخور المتبلورة الرملية، قد تعرضت لعملية البدزلةPodzolized، في ولاية نيويورك، في شرقي الولايات المتحدة، بينما إلى جوار هذه الترب، توجد أخرى مشتقة من مواد كربونية، لا تبدو عليها آثار البدزلة؛ بسبب المحتوى العالي من القواعد، التي تبقي الرقم الهيدروجيني pH للتربة عالياً؛ ما يعوق إزالة الحديد Fe والألمنيوم Al، سواء بالوسائل العضوية Chelation أو غير العضوية.

 



[1] التجوية الكيماوية chemical Weathering هي عملية تفاعل المعادن مع المحلول المائي لتصبح مكونات المعدن على شكل أيونات ذائبة في الماء.

[2] مادة الأصل (الأم) Parent Material هي الصخور أو الرواسب التي تكونت منها التربة.

[3] رباعية أسطح السليكا Silica Tetrahadra هي عبارة عن وحدة بناء معادن السليكات. وتتكون رباعية الأسطح من أيون سليكا Si4+ وأربعة أيونات أكسجين O2-.

[4] معادن السليكات Silicate هي المعادن المحتوية على عنصر السليكا Si في تركيبتها الكيمائية.

[5] الصخور النارية Igneaus Racks هي الصخور التي تبلورت من الصهير (المجما) مباشرة.

[6] صخر الجرانيت Granite صخر ناري جوفي خشن القوام يتكون بشكل أساسي من معدن المرو ومعادن الفلسبار والميكا.

[7] صخر الرايولايت Rhyolite صخر ناري بركاني ناعم القوام يتكون بشكل أساسي من معدن المرو ومعادن الفلسبار والميكا.

[8] معدن البايوتيت Biotite هو أحد معادن السليكات الصفائحية، ويحتوي على عنصر الحديد (KFe3AlSi3O10(OH)2) ولونه أسود.

[9] الصخور المتحولة Metamorphic هي الصخور التي تغيرت تركيبتها المعدنية بسبب الضغط والحرارة العاليين.

[10]   تحور المعدن Alteration هو تحول المعدن إلى معدن آخر دون هدم كامل لبناءه البلوري.

[11]   صخر الجابرو Gabbro صخر ناري جوفي قاعدي خشن القوام، ولونه داكن.

[12]   صخر النيس Gensse صخر متحول تحت ضغط ودرجة حرارة عاليين جداً.

[13]   معادن السمكتايت Smectites معادن طينية من النوع 2:1 وتنمي لفئة السليكات الصفائحية.

[14]    معادن البلاجوكلاس Plagioclase هي نوع من معادن الفلسبار تحتوي على الكالسيوم والصوديوم بدلاً من البوتاسيوم. وتنتمي إلى فئة السليكات الشبكية.