إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

ب. تأثير الأملاح في النبات

ازدياد تركّز الأملاح في منطقة جذور النبات في التربة، يؤثر في نموّه وإنتاجيته تأثيراً مباشراً؛ سمّية بعضها، التركّز الكلي لتلك الذائبة منها؛ أو غير مباشر؛ بتأثير صودية المحلول المائي في الخصائص الفيزيائية للتربة.

1- التأثير المباشر

يتأثر النبات تأثيراً مباشراً بنوعَين من التركّز الملحي: التركّز الكلي للأملاح الذائبة، وتركّز بعض الأملاح ذات الخاصية السمّية.

أ- تأثير التركّز الكلي للأملاح

ازدياد التركّز الكلي للأملاح في محلول التربة، يقلّل الجهد الأسموزي (Osmotic Potential)، وجهد الماء (water potential)؛ ما يحرم النبات معظم ما يحتاج إليه من الماء. وينجم الجهد الأسموزي عن عملية الانتشار (Diffusion)، التي تكون فيها الحركة دائمة، للجزيئات المختلفة، في المحلول المائي غير المتجانس، حيث تتحرك من الجزء، الذي يكون تركّزها فيه أعلى، إلى الجزء الأقل تركّزاً، في محاولة تلقائية، لتحقيق حالة توازن ثرموديناميكي، بين أجزاء النظام. وعندما يكون هناك عائق، بين أجزاء المحلول المختلفة التركّز؛ كما هو الحال بين المحلول المائي في التربة وخلايا جذور النبات؛ ويكون هذا العائق غشاء انتقائياً selective membrane، يسمح بمرور جزيئات الماء ويعوق الجزيئات والأيونات الأخرى، فإن النظام (المحلول المائي في التربة وخلايا جذور النبات)، سيسعى لتحقيق حالة التوازن الثرموديناميكي، بحركة جزيئات الماء من الجزء الأقل تركّزاً (خلايا جذور النبات)، إلى الجزء الأكثر تركّزاً (محلول التربة)؛ لأن الغشاء الانتقائي، يمنع الحركة المعاكسة للجزيئات (انظر شكل الضغط الأسموزي للمحلول الملحي).

الجهد الأسموزي (Ψs)، والجهد الماتري [matric potential (Ψm)]، أو جهد الحبيبات، يحددان جهد الماء الكلي (Ψw)، في التربة غير المشبعة به، على النحو التالي:

Ψs

الجهد الأسموزي

 

Ψm

الجهد الماتري

 

=

 

Ψw

جهد الماء الكلي

 

 

+

 
 

 

 

 

ومن المعادلة السابقة، يتضح أنه عند جهد ماتري محدد (نسبة رطوبة معينة، لتربة ذات خصائص هيدروليكية معينة) ، أي ازدياد ملوحة المحلول المائي للتربة، يتناقص جهد الماء الكلي، أي ازدياد الطاقة، التي يجب أن يبذلها النبات، للحصول على الماء من التربة، ولعمل التعديلات البايوكيماوية الضرورية للعيش تحت الضغط. وهذا، بالطبع، يُضعف عمليات النمو والإنتاج؛ ما يؤدي الجفاف الفيزيولوجي.

ويبدأ التأثير السلبي للملوحة الكلية في منطقة جذور النبات، في نموّه وإنتاجيته، عند قيمة حدية للملوحة threshold value، تعتمد على نوع النبات، والظروف البيئية الأخرى، المؤثرة فيه. وكلما ازدادت الملوحة الكلية لمستخلص التربة، في منطقة جذور النبات، ازداد تراجع نموّه وإنتاجيته إلى أن يموت. وتقدر الإنتاجية النسبية[1] لكلِّ محصول من المحاصيل المختارة، في ضوء الملوحة الكلية المقيسة لمستخلص التربة[2]، باستخدام القيم الموضحة في (انظر جدول تأثير الملوحة الكلية في إنتاجية بعض المحاصيل الزراعية)، في المعادلة الخطية التالية:

 

الإنتاجية النسبية للمحصول = 100- ث(ت-ح)

 

ت=    الملوحة الكلية (مليسيمنز/سم) لمستخلص التربة.

      ح=   القيمة الحدية للملوحة الكلية (مليسيمنز/سم) للمحصول

ث=    مقدار التراجع في الإنتاجية النسبية للمحصول، لكل وحدة زيادة في الملوحة الكلية، عن القيمة الحدية.

ب- التأثير السمّي لبعض الأملاح

يقدر التأثير السمي، لتركّز البورون والكلور في المحلول المائي للتربة، في منطقة جذور النبات، في نموّه وإنتاجيته، بالأسلوب نفسه، المتبع في تقدير تأثير الملوحة الكلية على إنتاجية المحاصيل الزراعية، باستخدام القيم المدرجة في (انظر جدول تأثير تركّز البورون في محلول التربة في إنتاجية بعض المحاصيل و جدول تأثير تركّز الكلور في محلول التربة في إنتاجية بعض المحاصيل)، على التوالي، في المعادلة الخطية التالية:

الإنتاجية النسبية للمحصول = 100- ث(ت-ح)

 

ت=    تركيز أناين البورون أو الكلور (مليمول/لتر) في مستخلص التربة .

ح=    القيمة الحدية لتركّز اناين البورون أو الكلور (مليمول/لتر) الخاصة بالمحصول.

ث=    مقدار التراجع في الإنتاجية النسبية للمحصول لكل وحدة زيادة في تركيز أناين البورون أو الكلور (مليمول/لتر) عن القيمة الحدية.

2- التأثير غير المباشر

تؤثر أملاح التربة في النبات تأثيراً غير مباشر، بتحكمّها في الخصائص الفيزيائية للتربة؛ ما ينعكس على نمو النبات وإنتاجيته. وتعد صودية التربة، أو ارتفاع نسبة تركّز أيون الصوديوم، الأحادي الشحنة Na+، إلى تركّز أيونَي الكالسيوم Ca2+ والمغنيسيوم Mg2+ الثنائيَي الشحنة، في محلول التربة ـ من أهم المؤثرات في خصائصها الفيزيائية. ويبدأ تأثير الصودية عندما ترتفع، إلى حدٍّ معين، نسبة كاتيون الصوديوم إلى الكاتيونات ثنائية الشحنة (Ca2+, Mg2+) في محلول التربة. ويتمثل تأثيرها في تفكك كتل التربة (Soil Aggregates) إلى كتل ثانوية أصغر؛ إضافة إلى تشتت معادن الطين[3]، ثم رسوبها في مسامات التربة، وعلى السطح؛ ما يؤدي تصلب القشرة (Surface Crusting)، وانخفاض المسامية[4] ونفاذيتها[5]. وبما أن صلاحية التربة للزراعة، تعتمد اعتماداً كبيراً على قابليتها لتوصيل الماء والهواء (النفاذية)، وعلى خصائص كتلها، التي تتحكم في سهولة الحرث (Tilth)، فإن زيادة صودية التربة، تشكل مشكلة رئيسية في الأراضي المروية.

وتفكك كتل التربة، وتشتت معادن الطين، يرجعان إلى بعض التفاعلات الفيزيو-كيماوية، بين الكاتيونات، في محلول التربة وأسطح معادن الطين. ويمكن فهْم هذه الآلية، في ضوء معرفة أن غلاف الكاتيونات، حول أسطح معادن الطين، يخضع لقوّتَين متعاكستَين؛ إذ تنجذب الكاتيونات، بقوة الإلكتروستاتيكية، إلى أسطح معادن الطين، السالبة الشحنة؛ وتمثل، في الوقت نفسه، إلى الانتشار (Diffuse)، بعيداً عن تلك الأسطح، حيث يكون تركّزها بالنسبة إلى بقية المحلول المائي، مرتفعاً؛ ما يؤدي انخفاضاً أسياً فيه كلما ابتعد عن أسطح معادن الطين إلى بقية ذلك المحلول. وتنجذب الكاتيونات، ثنائية الشحنة، إلى أسطح معادن الطين، السالبة الشحنة ،بقوة، تساوي ضعف القوة، التي تنجذب بها الكاتيونات، أحادية الشحنة؛ ما يؤدي انضغاط غلافها حول تلك الأسطح. ويزداد هذا الانضغاط، عندما تزداد الملوحة الكلية للمحلول المائي؛ إذ تقلّ نزعة الكاتيونات إلى الانتشار بعيداً عن أسطح معادن الطين، عندما يقلّ مقدار الاختلاف في تركّز الأيونات، بين الجزء من المحلول، القريب من تلك الأسطح، وبقية أجزائه. لذا، فإن الترب، التي يزيد، في محلولها المائي، نسبة كاتيونات الصوديوم، الأحادي الشحنة (Na+)، إلى تلك الثنائية الشحنة (Ca2+, Mg2+)، وتكون فيها الملوحة الكلية منخفضة ـ يكون فيها غلاف الكاتيونات، حول أسطح معادن الطين، منضغطاً؛ ما يؤدي تداخل الأغلفة حول تلك الأسطح ، وتنافر صفائح معادن الطين (تشتت)، وازدياد كمية المحلول المائي المحبوس بين هذه الصفائح (انتفاخ)؛ ما ينتج رسوب معادن الطين في مسامات الترب (انخفاض مسامية التربة ونفاذيتها)، وعلى سطح التربة، لتكوين قشرة صلبة، تعوق عملية الإنبات، في مراحلها الأولى.

وعند تقييم مدى خطر ازدياد نسبة الصوديوم، على الخصائص الفيزيائية للتربة، يؤخذ في الحسبان:

أ- نسبة إدمصاص الصوديوم SAR، المتمثلة في نسبة تركّز كاتيون الصوديوم، الأحادي الشحنة، إلى تركّز الكاتيونات ثنائية الشحنة (الكالسيوم Ca2+ والمغنيسيوم Mg2+)، في محلول مستخلص التربة، كما في المعادلة التالية:


 


الأقواس تعني تركّز الأيونات، بالمليمول المكافئ/لتر.

ب- التركّز الكلي للأملاح الذائبة في محلول مستخلص التربة، معبراً عنها بالتوصيل الكهربائي.

وبتوقيع هذَين المتغيرَين على رسم بياني، ثنائي الإحداثية: إحدامها، تمثل الملوحة الكلية؛ والثانية، نسبة ادمصاص الصوديوم؛ وموضح عليه الخط الفاصل (القيم الحدية)، بين المنطقة المتوقع فيها حدوث مشكلة تصلب القشرة، وانخفاض مسامية التربة ونفاذيتها، وتلك التي لا يتوقع حدوث المشكلة فيها (انظر شكل صودية محلول التربة).

 

 

 

 



[1] الإنتاجية النسبية: هي نسبة الإنتاجية الفعلية إلى الإنتاجية القصوى للمحصول عندما تتوفر جميع الظروف المطلوبة.

[2] مستخلص التربة: هو المحلول المائي المتحصل عليه من التربة بعد تشبعها بالماء المقطر لمدة أربع وعشرين ساعة.

[3] معادن الطين: هي معادن من فئة السليكات الصفائحية تتكون في بيئة التربة ولا يزيد طول القطر المكافئ لحبيباتها على 2 ميكرون.

[4] مسامية التربة: هي الجزء من حجم التربة غير المشغول بالمادة الصلبة، إنما مشغول بالماء أو الهواء. ويعبر عنها عادة بنسبة حجم هذه الفراغات إلى الحجم الكلي للتربة (حجم المادة الصلبة والفراغات معاً).

[5] نفاذية التربة: هي مقدرة التربة على توصيل الماء من خلال المسامات فيها.