مقدمة

يعد مرض نقص المناعة المكتسبة أحد أخطر الأمراض التي واجهتها البشرية على مدى تاريخها كله، وعلى الرغم من التقدم العلمي المذهل، والإمكانات المادية، والجهود البشرية المبذولة في الأبحاث حول هذا المرض، لا يوجد -حتى الآن- أي نجاح حقيقي في السيطرة عليه، أو منع انتشاره.

ومرض الإيدز AIDS هو مرض فيروسي، تم تحديد فيروسه عام 1983، وأطلق عليه اسم فيروس نقص المناعة البشري Human Immunodeficiency Virus" HIV"، ويصنف ضمن مجموعة من الفيروسات تعرف باسم الفيروسات الارتجاعية Retroviridae.

ويعرَّف مرض الإيدز بأنه "الأعراض الملازمة لنقص المناعة المكتسبة"  Acquired Immunodeficiency Syndrome "AIDS". والمناعة المكتسبة هي ذلك النوع من المناعة التي يحصل عليها الجسم بعد الولادة، ويقوم بإنتاجها نوعان من الخلايا الليمفاوية Lymphocytes، هما الخلايا البائية B-Cells والخلايا التائية T-Cells، والخلايا التائية هي أهم أنواع كرات الدم البيضاء وهي المسؤولة عن التنسيق بين بقية أنواع كرات الدم البيضاء. ويقوم الفيروس المسبب لمرض الإيدز باقتحام الخلايا الليمفاوية بنوعيها، والسيطرة عليها، وإبطال مفعولها.

ويعتقد بعض الباحثين أن جذور هذا المرض ترجع إلى بعض مناطق وسط وجنوب أفريقيا؛ حيث كان منتشراً على شكل وباءٍ محلي. وقد عثر الباحثون على العامل المسبب لهذا المرض في عينات دم أُخذت وحُفظت منذ عام 1959. إلا أن الظهور الإعلامي الكبير لمرض الإيدز لم يبدأ إلا منذ عام 1981، حيث سُجلت حالات عديدة من الوفيات بين أوساط الشواذ جنسياً، نتيجة لإصابتهم بنوع نادر من أنواع الالتهاب الرئوي، وعزيت وفاتهم إلى ضعف شديد في جهازهم المناعي. ثم عاد الحديث عن المرض مرة أخرى في عام 1985، حينما أعلنت وسائل الإعلام إصابة ممثل أمريكي مشهور بهذا المرض، وأنه واحد من بين ثمانية آلاف شخص مصابين بالمرض نفسه.

وفي أواخر الثمانينيات ارتبط الحديث عن مرض الإيدز بعدد آخر من حالات الوفيات بين أوساط الشواذ جنسياً، نتيجة لإصابتهم بالالتهاب الرئوي الذي يسببه ميكروب النيموسيستس نيموني Pneumocystis pneumonae، فضلاً عن أنواع غير شائعة من الأورام الخبيثة في الجلد والأوعية الدموية.

وفي عام 1993 أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً قدرت فيه عدد المصابين بالمرض في العالم كله بحوالي 13 مليون مريض (أُنظر شكل أعداد المصابين بمرض الإيدز)، وتوقعت المنظمة ارتفاع العدد إلى 40 مليوناً بحلول عام 2000. وعلى الرغم من هذه التقديرات، لا يمكن تحديد العدد الحقيقي للمصابين بالمرض على نحو دقيق؛ حيث يمكن أن يصاب المرء بالفيروس، ولكن تظل العدوى كامنة، ولا تظهر على المصاب أي أعراض.