إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / مشكلة دارفور، وتداعياتها المحلية والإقليمية والعالمية






مناطق اللاجئين
إقليم دارفور
حدود إقليم دارفور



الفصل الأول

مقدمة

تُعَد أزمة دارفور واحدة من أهم الأزمات التي تواجه الدولة السودانية، والتي لا تتوقف تأثيراتها على إحداث حالة من حالات عدم الاستقرار الداخلي، وإنما تتعدى ذلك إلى تهديد كيان الدولة ونظامها السياسي ذاته، إما بسبب استمرار النزاعات والصراعات في أقاليم السودان المختلفة، أو من خلال توسيع دائرة الأطراف المتصارعة والمشاركة فيها، والداعمة لها، أو بالترويج للنزعات والميول الانفصالية بهدف تفتيت السلامة الإقليمية للدولة. ولا يتوقف الأمر في هذا الشأن على الأطراف المحليين/ الوطنيين، وإنما يتجاوز الأمر ذلك إلى تورط أطرافٍ إقليمية ودولية، بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يخرج بالأزمة من محيطها الداخلي ويجعلها أزمة ذات أبعاد متعددة ومضامين متنوعة.

وقد تطورت الأمور في إقليم دارفور وتصاعدت، حتى خرجت عن كونها أزمة داخلية، أو شأن من الشؤون الداخلية للدولة السودانية، إلى أزمة ذات أبعاد وتداعيات محلية وإقليمية ودولية، وسط ادعاءات واتهامات متبادلة من جانب العديد من القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، القائلة بمسؤولية النظام الحاكم في السودان عن تصاعد تلك الأزمة وتفاقمها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى اتهام مسؤولين في الحكومة السودانية بالتورط في أعمال إبادة جماعية، وتطهير عرقي في الإقليم. وأصبحت العديد من الأطراف والقوى، داخلياً وخارجياً، مدعوة للمشاركة في كيفية التغلب على تلك الأزمة. وعلى الرغم من انعقاد عدة مؤتمرات، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات، وصدور الكثير من القرارات من جانب الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية وغيرها، إلا أن الأزمة لم تصادف انفراجا حقيقيا، ومن ثَم، فإن الوصول إلى تسوية لها ما زالت غير ميسورة، حتى الوقت الراهن.

إن تناول أزمة دارفور من الأمور بالغة الأهمية، ليس فقط الخطورة الصراع في هذا الإقليم، وما نجم عنه من تأثيرات كارثية متنوعة، أو لاستعصاء المساعي والجهود الرامية لإيجاد تسوية مناسبة لها فحسب؛ ولكن، أيضاً، لأنها واحدة من الأزمات التي تتعرض لها الدولة السودانية وتهدد وحدتها وسيادتها وسلامتها الإقليمية في الحاضر وفي المستقبل، خصوصاً وأن مشكلة الجنوب السوداني لم تحسم بعد، وربما لن يحسمها سوى الاستفتاء على حق تقرير المصير المكفول للجنوبيين، بموجب اتفاقية السلام الموقعة بينهم وبين الحكومة السودانية. كما أن هناك عدة أزمات أخرى تنتظر دورها للخروج من عقالها، سواء في الشرق، أو في أقصى الشمال، أو في غيرها من أقاليم السودان. ومحصلة كل ذلك التفكيك للدولة السودانية، وانفراط عقدها إلى مجموعة من الدويلات الصغيرة، التي لن تنعم أبداً لا بالأمن ولا الاستقرار.