إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / مشكلة دارفور، وتداعياتها المحلية والإقليمية والعالمية






مناطق اللاجئين
إقليم دارفور
حدود إقليم دارفور



الفصل الأول

المبحث الثالث

الأسباب الإقليمية والدولية للأزمة

استمرت حدة أزمة دارفور (الغرب السوداني) تتصاعد في ظل التصعيدات والاشتباكات العسكرية، لتشكل بؤرة صراع جديدة في السودان، واستمرت تلك الأزمة وتخطت حدود الإقليم إلى الآفاق الإقليمية والدولية، حيث أسهمت القوى والأطراف الإقليمية والدولية، بطريق مباشر أو غير مباشر، في تنامي تلك الأزمة واستمرارها، وقد ترتب على ذلك تعقيدات عدة تأثرت بها السودان بمجمله ودول الجوار على المستوى الإقليمي، ووصل الأمر إلى حد أن أصبحت العديد من القوى الدولية أطرافا فاعلة في تلك الأزمة. ويمكن تناول بعض تلك الأسباب الخارجية، التي أسهمت في تشكيل تلك الأزمة وتفاقمها، على النحو الآتي:

أولاً: الأسباب الإقليمية للأزمة

تتعدد الأسباب الإقليمية التي أسهمت في أزمة دارفور، ويمكن الإشارة إلى بعضها:

1. تأثير التداخلات الاجتماعية مع دول الجوار الإقليمي

أسهمت مواقف عدد من الدول على المستوي الإقليمي في تصعيد الأزمة الراهنة في دارفور، فالسودان بلد كبير، ومتاخم لعدد من الدول، وحدوده مفتوحة والقبائل مشتركة بين هذه الدول ودارفور، ومن ثَم يكون هنالك تأثير وتداخل لأن القبائل أصولها مشتركة بين هذه الدول والسودان، ولا يستبعد أن يكون هنالك تدخل من القبائل التي تقطن خارج السودان. والتي لها علاقات قربى مع القبائل المتنوعة داخل السودان وكذلك من خلال هذه الحدود المفتوحة يمكن الحصول على السلاح والمؤن، وعلى كل شيء يساعد في تأجيج المشكلة.

إن هناك عدداً من القبائل الأفريقية والعربية التي لها جذور وأصول مشتركة، وتقطن في كل من إقليم دارفور غرب السودان وفي شرق دولة تشاد المجاورة، لذا تأثرت هذه القبائل دوماً بالتفاعلات السياسية في هاتين الدولتين، وخصوصاً ما يتصل منها بالحرب الأهلية التشادية والنزاع الليبي ـ التشادي، حيث مثلت دارفور في بعض الأوقات قاعدة خلفية للأطراف المتصارعة، وانعكس ذلك على وجود الأسلحة والعتاد العسكري الذي حازت بعضاً منه القبائل الموجودة في الإقليم، واستغلته بعض القبائل على الجانبين لتدعيم مكانتها ووضعها السياسي والعسكري.

ومن القبائل التي لها امتدادات في دول الجوار الزغاوة، وهي قبيلة كبيرة منتشرة في دارفور وفي تشاد، وانتقل الكثير منهم إلى أجزاء من السودان، وإلى المشاريع الزراعية المروية مثل حلفا الجديدة، كما هاجر بعضهم إلى ليبيا، والمعروف عن الزغاوة في ليبيا والسودان أنهم يشتهرون بالتجارة عبر الصحراء. وكذلك قبيلة البرقو، وهم من العناصر الزنجية التي كانت تعيش في تشاد، وهاجر العديد منهم إلى السودان.

2. تأثير العلاقات مع دول الجوار

لم يبلغ تأثير السودان على دول الجوار وتأثره بها في تاريخه الحديث ما بلغه في عهد النظام الحالي. لذلك صار لدول الجوار دور مهم في قضايا السودان الأمنية، وتعد هذه من الأمور الجيوسياسية الجديدة، التي تؤثر على بقاء واستمرار الأزمات التي تواجهها السودان وتصاعدها، ومنها أزمة دارفور أو المساعدة في الجهود المبذولة نحو إيجاد تسويات مناسبة لها. ومن الأمثلة على ذلك:

أ. موقف تشاد

لا تُعد تشاد إحدى الدول المجاورة للسودان فحسب، بل تربط القبائل على جانبي الحدود السودانية ـ التشادية العديد من العلاقات والروابط لاسيما أواصر القربى، وقد أدى الصراع التشادي ـ التشادي، والصراع الليبي ـ التشادي في الإقليم خلال الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي إلى انتشار السلاح والجماعات المسلحة، ومن ثَم، قاد إلى ظاهرة النهب المسلح التي استفحلت بالمنطقة متزامنة مع ظاهرة الجفاف والتصحر وراح ضحيتها أكثر من 15 ألف مواطن من بينهم 3500 شرطي. وقد أثرت الهجرات التشادية إلى دارفور، بسبب تدهور الأوضاع في تشاد والجفاف والتصحر، أمنياً تأثيراً كبيراً على الأوضاع في الإقليم خاصة في تطور أحداث النهب المسلح، وانتشار السلاح وأصبحت كل الماشية السودانية المنهوبة تتجه براً إلى تشاد، واشترك في عمليات النهب عسكريون سابقون من الجيش التشادي وأفراد من القبائل العربية وقبيلة الزغاوة من تشاد والسودان. وقد استوطن أكثر من ثلاثة ملايين تشادي في السودان نصفهم بدارفور خاصة في المناطق الحدودية الجنوبية الغربية والشرقية من جنوب دارفور، علماً بأن هناك أكثر من 50 قبيلة مشتركة بين السودان وتشاد، وأصبح العنصر التشادي، سواء من القبائل الأفريقية مثل الزغاوة، أو العربية، القاسم المشترك في التدهور الأمني بدارفور على مدى السنوات الماضية وحتى الوقت الراهن.

ومعنى ذلك أن تشاد تُعد بمثابة الظهير الخلفي للسودان، وربما تدخل منه الأسلحة والمؤن والعتاد العسكري للمتمردين، وإليه أيضا يفر هؤلاء المتمردون في كرهم وفرهم أثناء العمليات المسلحة مع القوات الحكومية، وهو ما يماثل الملاذ الآمن لهؤلاء، كما أن أعداداً كبيرة من اللاجئين تذهب إلى تشاد، وهو ما يظهر للعالم أن هناك أزمة إنسانية كبيرة، كما أن تشاد تعرضت للعديد من الضغوط الخارجية وخصوصاً، من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وغيرها، من أجل اتخاذ العديد من المواقف التي تبدو أنها في غير مصلحة السودان، وهو الأمر الذي يرى السودان أنه لا يساعد في المساعي الرامية لتسوية الأزمة في دارفور، وإنما يعمقها ويزيد من تفاقمها.

ب. موقف إثيوبيا

الحرب في الجنوب السوداني، وموقف الحكومة الإثيوبية منها، كذلك تطورات الأوضاع في إثيوبيا ذاتها وتعامل الحكومة السودانية معها كل ذلك جعل لإثيوبيا، في بعض الأحيان، دوراً مهماً في تأجيج الوضع الأمني بدارفور، وقد استفادت القبائل المختلفة من توافر السلاح الذي يُهرَّب إلى المنطقة، واستفادت القبائل أيضاً من سياسة التجييش التي قننتها الحكومة السودانية، عبر التدريب في الدفاع الشعبي، لمواجهة الحرب في الجنوب وتدرب العديد من أبناء القبائل على السلاح بطريقة رسمية، واستفادوا منه لحماية قبائلهم في مواجهة القبائل الأخرى.

ج. موقف جمهورية أفريقيا الوسطى

تخشى جمهورية أفريقيا الوسطى من عدوى حركات التمرد داخل الدولة، وخصوصاً أن يستغل أنصار الرئيس السابق، أنج بانسيه، الموجودون في دارفور، الصراع في المنطقة، لينقضوا على حكم الرئيس فرانسوا بوزيري، الذي جاء بانقلاب عسكري في مارس 2003، وتزداد مخاوف هذا البلد من تأثير ما يجري حولها داخل إقليم دارفور، ومن التأثيرات الناجمة عنه لاسيما اللاجئين الموجودين على أراضيها. كما أن علاقات جمهورية أفريقيا الوسطى بفرنسا ومجاورتها السودان مع تشاد، وتحديداً إقليم دارفور، وفي ظل التوجهات الأمريكية في المنطقة، ما يزيد من احتمالات جرها للتنافس والصراع الدولي، كل ذلك يدفع جمهورية أفريقيا الوسطى للمساهمة في جهود الوساطة الرامية إلى تسوية الأزمة في دارفور.

ثانياً: الأسباب الدولية للأزمة

هناك العديد من الأسباب الدولية التي أسهمت في استمرار تلك الأزمة وتعاظمها، ومنها:

1. التصعيد الدولي للأزمة

تعاظم التصعيد الدولي للأزمة في دارفور بشكل دراماتيكي، وخصوصاً من جانب العديد من القوى الأوروبية والأمريكية، بل كان هناك حرص وإصرار أمريكي على التورط والتدخل السافر في تلك الأزمة، ويتجلى ذلك من سياسات وممارسات الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الأزمة، وعلى سبيل المثال، فقد صممت على إصدار قرار ـ أي قرار ـ من مجلس الأمن، وإعطاء السودان مهلة شهر واحد (على الطريقة العراقية) لاعتقال قادة قبائل عربية في دارفور ومحاكمتهم بدعوى أنهم من الجانجويد الذين نفذوا أعمال عنف ضد القبائل الأخرى من الأصل الأفريقي في دارفور من دون أن يشمل القرار معاقبة الطرف الآخر في الصراع، وهم متمردو دارفور.

ويبدو أن هناك علاقة وثيقة بين قرار مجلس الأمن الذي يهدد بفرض عقوبات على السودان في غضون 30 يوما "إذا لم ينزع سلاح مليشيا الجانجويد في دارفور ويحاكمها"، وبين قرار الكونجرس الأمريكي الذي سبقه ووصف ما يحدث هناك بأنه "تطهير عرقي" ليمهد الطريق لتدخل دولي، ومن ناحية أخرى فإن التورط البريطاني أيضا في تلك الأزمة يوضح إلى أي مدى يصل التصعيد الدولي للأزمة في دارفور، ولعل طلب توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني، من قواته المسلحة أن تضع الخطط لاحتمال التدخل العسكري في السودان، وكذلك طلب الرئيس الفرنسي من قواته في تشاد التعبئة العامة، خير دليل على التوجه العام الذي يحكم سياسات تلك الدول وممارساتها بالنزوع إلى التمادي في التصعيد وليس التهدئة، وقد استغلت الأمم المتحدة استغلالاً سيئاً، ووظفت ليس فقط لتسويغ ذلك الأمر، بل الإسهام والتورط فيه أيضاً من خلال مجلس الأمن وقراراته، وكذلك الأمين العام وموظفي الأمم المتحدة الآخرين.

ويلاحظ أن إسرائيل لم تكن بمنأى هي الأخرى عن كل ما يجري في دارفور من تورط دولي صريح ومباشر، فألقت هي الأخرى بثقلها، وروجت إشاعة "الإبادة الجماعية" داعية لحملة دولية ضد الخرطوم، تنبني على ذرائع واهية، تتركز في أن ما يحدث في دارفور يماثل ما حدث لليهود من قبل.

ولذلك فإن الظاهر للعيان أن لغة المصالح الغربية والإرث التاريخي الاستعماري هو الأمر الحاكم في أزمة دارفور، وأن هناك أطرافاً، لها مصلحة أكيدة في الترويج لشائعة التطهير العرقي والإبادة الجماعية، تسعى للوصول بالأزمة إلى ذروتها، وتكرار مأساة العراق في السودان، لتحقيق أكثر من هدف، ومواصلة مخططات قديمة. ويبدو أن هناك "إستراتيجية مرسومة" ضد السودان كله وليس لمجرد حماية دارفور، وأن هناك محاولة لإعادة تشكيل السودان، والتمكين لقوى التمرد في المناطق المختلفة من مواجهة الحكومة السودانية. ولهذا توعد أول رد فعل رسمي سوداني على قرار مجلس الأمن ـ على لسان وزير الإعلام الزهاوي مالك ـ بمواجهة "دسائس الحكومات المعادية ومؤامرات الذين يطمحون بالاستيلاء على الموارد الاقتصادية للسودان".

2. استقواء المعارضة بالقوى الخارجية

إن الطريقة التي أدار بها متمردو دارفور المفاوضات، والانسحاب السريع تارة، ووضع شروط تعجيزية تارة أخرى، قبل الشروع في النقاش، وتعنتهم الذي كان واضحاً منذ بدء المفاوضات، قد أظهر هدفاً واحداً، وهو الاستمرار في الضغط على الحكومة للتدخل الخارجي وتدويل القضية، ولربما على أمل استصدار قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لممارسة مزيد من الضغوط للحصول على أكبر قدر من المكاسب، حتى ولو كان ذلك على حساب سيادة السودان واستقلاله وسلامته الإقليمية، وحتى لو كان ذلك أيضاً لحساب ومصالح الدول والقوى الخارجية الطامعة في السودان وفي ثرواته القومية. وقد ترتب على هذا السلوك من جانب المتمردين في دارفور مساعدة القوى والأطراف الدولية؛ والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا خاصة على الاستمرار في تصعيد ضغوطها، وتأليب المجتمع الدولي على السودان لإخضاعه والنيل منه.

3. المطامع والأهداف الخارجية في إقليم دارفور

إن لكل طرف من الأطراف الأمريكية والأوربية والإسرائيلية مصلحة من التصعيد لأزمة دارفور، والسعي لاستهداف الدولة السودانية عامة. ولكل دولة من تلك الدول منظومة من الأهداف والمصالح والمطامع، التي لا تتورع عن التبجح بالإعلان عنها صراحة، منها ما يتصل بالموارد الاقتصادية، ومنها ما يتصل بالمواقف السياسية، بل إن منها ما يتصل بالحملة الدولية الجديدة، التي يقف من ورائها المحافظون الجدد، في الإدارة الأمريكية، في الوقت الراهن، والعديد من القوى الدولية الأوروبية والأفريقية المشايعة لهم. كما كان الفشل الأمريكي في العراق والأكاذيب، التي دأبت إدارة الرئيس بوش في الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة المملكة المتحدة على ترديدها، وراء التحرك بقوة في دارفور تحت مزاعم إنسانية هذه المرة، وهو الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن حقيقة الدور الذي تحاول الدولتان القيام به في السودان، فهل هو نوع من الاستعمار الأمريكي، الذي لم تمارسه أثناء حقبة التكالب الاستعماري على أفريقيا، وتحاول التورط فيه في الوقت الراهن؟ وهل السعي البريطاني للتدخل في دارفور عائد لإرثها التاريخي الاستعماري؛ لاستكمال المعركة التي بدأت مع حركة المهدي الإسلامية (1885 – 1898) والبحث عن دور لها في مستعمراتها القديمة؟ إن كل هذا الذي يحدث من محاولات استعمارية جديدة يجري تحت دعاوى الإنسانية.

4. التدخلات الأجنبية في الشئون الداخلية للسودان

يمكن الإشارة إلى بعض جوانب تلك التدخلات في ما يلي:

أ. التدخل الأمريكي في الشئون السودانية

كانت هناك ثلاث مراحلِ في السياسة الأمريكيةِ الأخيرةِ نحو الحكومةِ السودانية:

(1) المرحلة الأولى (1989 - 1995)

ويلاحظ أن بداية تلك الفترة تأتي مع تولي الجبهة الإسلامية للسلطة في البلاد في أعقاب انقلاب البشير في عام 1989 يُمْكِنُ أَنْ تُوْصَفَ بفترة الارتباط Period of Engagement التي فيها تابعتْ الحكومةَ الأمريكيةَ تغييرَ سياستها تجاه السودانِ فقط من خلال الارتباط الدبلوماسيِ، بما في ذلك استعمال مبعوث رئاسي خاص.

تجدر الإشارة إلى أنه في أغسطس 1993، أضافتْ الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق، بيل كلينتونَ، السودان إلى قائمةِ الدول المساندة للإرهاب، رد فعل على الدلائلِ التي تشير، من وجهة النظر الأمريكية، إلى انبثاق أنشطِة إرهابية مِنْ الأراضيِ السودانيةِ. وفي أبريل عام 1996، دَعمتْ واشنطن فرض عقوباتِ من مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدةِ، (بموجب القرار الرقم 1054)، لاسيما بعد أن فَشلتْ الخرطوم في التعاون في تسليمِ المشتبه بهمِ في محاولة اغتيال على الرئيسِ المصريِ مبارك في يونيه 1995.

(2) المرحلة الثانية (1995 – 1999)

وقد ارتبطت هذه المرحلة، جزئياً، بمحاولةِ اغتيال الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، واتهام النظام السوداني بالتورط فيها، وقدمت دليلاً آخر على الدعم السودانيِ المتصاعدِ للإرهابِ، ومثل ذلك أحد الضغوطِ المتزايدة نحو احتواء السودان، وعزله دولياً لاسيما بَعْدَ أَنْ رَفضَ النظام أَنْ يُغيّرَ سلوكَه وبَدأْ بمباشرة استهداف المصالح الأمريكية، في المنطقة على وجه التحديدِ.

(3) المرحلة الثالثة (1999 – حتى الوقت الراهن)

وقد ارتبطت تلك المرحلة بالتوجه الجديد للنظام الحاكم في السودان داخلياً وخارجياً، وقد اقترنت باعتقال د. حسن الترابي، وسعي النظام الحاكم لتحسين صورته وممارساته السياسةِ. وفي هذه المرحلة، أَخذتْ الولايات المتحدة الأمريكية بَعْض الخطواتِ التمهيديةِ نحو الارتباط المتزايدِ بحكومةِ السودان، و ذلك من خلال تعيينِ مبعوث خاص لعمليةِ السلام في السودان، والتعاون المشترك في مكافحة الإرهابِ، والحوار المتزايد على مستوى المسئولين الحكوميين.

ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن حكومة السودان لَها تاريخ طويل في إِيواء المنظماتِ الإرهابيةِ والجماعاتِ الراديكالية الإسلاميةِ. وأنها هي الحكومةُ الأفريقيةُ الوحيدةُ، جنوب الصحراء الكُبرى، التي ضمنتها الولايات المتحدة الأمريكية قائمةِ الدول الداعمة للإرهاب،ِ بوصفها الدولة الوحيدةِ التي قدمت دعماَ رسمياً وملجأ آمناَ للمنظماتِ الإرهابية، ومنها الدعم المقدم إلى تنظيم القاعدة منذ عام 1991 وحتى عام 1996. وأن الجبهة الإسلامية الوطنية، التي غيّرتْ اسمَها إلى حزبِ المؤتمر الوطنيِ في عام 1999، استولت على السلطة عن طريق انقلاب عسكري في عام 1989 وروّجَت لأجندة إسلاميِة عدوانيِة ـ على حد زعمها ـ تحت قيادة حسن الترابي، العقل المدبر للجبهةِ الإسلاميةِ الوطنيةِ، وأرادتْ الحكومة الجديدة خَلْق دولة إسلاميةَ في السودان، وجعل البلادِ عاصمة للفدائيين الإسلاميين. وقد تطابقت أهدافهمِ، وتطورت وتوثقت صلاتهم بالمجموعات الإسلاميةِ الأصوليةِ والمنظماتِ الإرهابيةِ، ومن هؤلاء أسامة بن لادن ومنظمةِ القاعدةَ. حيث آوتْ السودان بن لادن والقاعدة، علناً، مِنْذ عام 1991 إلى عام 1996.

وبنهاية تسعينيات القرن الماضي، وَجدتْ الخرطوم نفسها تُواجهُ عزلةً دوليةً ـ تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية ـ وفشل مشروعِها الإسلاميِ. حيث وُوجهت بهجمات من جانب الجيشِ الأمريكيِ والضغط الاقتصادي الحادِّ من خلال العقوبات الاقتصادية، وهو الأمر الذي دفع الحكومةَ السودانيةَ الإسلاميةَ لتخفيض علاقاتَها بالمنظماتِ الإرهابيةِ والأصوليةِ. ففي عام1996، طَردتْ السودان بن لادن. كما حدث انشقاق داخل النُخَبةِ الإسلاميةِ الوطنيةِ الحاكمة، أدى إلى إبعادِ حسن الترابي من رئاسة الجمعيةِ الوطنيةِ، وانتهى الأمر باعتقاله وسجنِه. وتحسن أداء الحكومة السودانية باتجاه الاعتدال في سياستها نحو الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وتجاوبها مع التوجهات الأمريكية لإحداث تسوية لمشكلة الجنوب السوداني.

ويمكن الإشارة إلى أنه بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر وافتتاح قاعدة مكافحة الإرهابِ في جيبوتي، زادتْ الولايات المتحدة الأمريكية ارتباطها بنظامِ الخرطوم. ففي مايو 2003, هَبطتْ طائرة عسكرية أمريكية في السودان للمرة الأولى منذ 10 سَنَواتِ. واجتمع وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الحين "كولن باول" بوزيرِ الخارجية السودانيِ "مُصطفى عثمان إسماعيل" في مايو لمُنَاقَشَة التعاونِ على الحربِ على الإرهابِ. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجيةَ السودانية أبدت ارتياحها بعض الشّيء مِنْ التعاونِ المشترك بين الدولتين، إلا أنها كان يؤرقها استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في تضمينها قائمة الدول الراعية والداعمة للإرهابِ، ومن ناحيتها فإن الخارجية الأمريكية ربطت ذلك باستمرار دعم الحكومة السودانية لبعض المنظمات الفلسطينية، حماس والجهاد الإسلامي، التي هي بحسب الزعم الأمريكي منظمات إرهابية وجماعاتِ متطرّفةِ، وأن الأمر يقترن أيضاً بمدى الجهود المبذولة لإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب، وتوقيع اتفاقية سلام شاملة مَع الجبهة الشعبية لتحرير السودان؛ من أجل أن يكتمل تُطبيّعَ العلاقاتَ مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإنهاء العزلةِ الدوليةِ المفروضة على السودان.

إن هناك ربط بين المشكلات التي تعاني منها دول القرن الأفريقي مثل الفساد السياسي، والحكومات الاستبدادية، وحالة الفقر والتخلف التي تعاني منها دول المنطقة وانعكاسات ذلك على مجمل الأوضاع داخل تلك الدول، وهو الأمر الذي يساعد كثيراً على وجود البيئة المناسبة لتنامي الإرهاب، وهو الموضوع الذي يرى معظم المتخصصين أن لَهُ تأثيراً جدّياً وسلبياً على تشكيلِ السياسة الأمريكيةِ. وفي الحقيقة، فإن غياب التمثيلِ الأمريكيِ القويِ في هذه الأماكنِ يعيقُ القدرةَ الأمريكيةَ كثيراً لتَقييم التهديداتِ الإرهابيةِ، ولفَهْم طرقِ العَمَل الداخليِ للمجموعاتِ المعقّدةِ والفئاتِ العرقيةِ المهمةِ، ناهيك عن الشبكات الدولية التي تقوم بأدوار هامة في تَمويل الإرهابِ وتوظيفه.

ب. التدخل الفرنسي في أزمة دارفور

نشأت المنافسة الفرنسية للولايات المتحدة الأمريكية من خلال مساندة فرنسا لنظام البشير في السودان، والذي كان العدو الأول للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة. وقد ساندت فرنسا النظام الإسلامي في السودان لعدة أسباب، أولها وأهمها: الرغبة في إيجاد مرتكز لها في منطقة البحيرات العظمى، بعد أن تراجع نفوذها في هذه المنطقة، واستخدام فرنسا لحكومة الإنقاذ ـ خاصة في فترة وجود حسن الترابي في الحكم ـ في الوساطة بين الجماعات الإسلامية في الجزائر وفرنسا التي كانت تسبب لفرنسا الكثير من المشكلات الأمنية والاجتماعية في الداخل، إضافة إلى تدفق البترول من بحر الغزال، واحتمالات وجوده في الشمال أيضاً. وقد استطاعت فرنسا بمساندتها لحكومة الإنقاذ أن تؤجل، نسبياً، تطبيق الخطة الأمريكية؛ إلا أن الوجود الأمريكي في السودان، في الفترة الماضية، أصبح مكثفاً مع تراجع الدور الفرنسي، الذي اقتصر في تصريحات دبلوماسية على شجب الحرب، وتأييد مبادرة الإيجاد.

ثانيها: تعتقد فرنسا أن لها حقاً استعمارياً قديماً في كل الشريط الذي يطوق القارة من الغرب إلى الشرق، ومن ثَم فإنها لن تدع لأمريكا فرصة الانفراد بأي نقطة من النقاط على هذا الشريط، وستتخذ من تشاد وصلتها بالأزمة مدخلاً.

لقد وضعت الأزمة في دارفور، من جديد، فرنسا في مواجهة الأزمات في العالم، التي تصنفها باريس، عادة، إلى ثلاث مجموعات من التحديات وهى: الأزمات الصامتة، والنزاعات المفتوحة مثل أزمة دارفور والإرهاب، والتحديات الثقافية. وترفض باريس ـ كما هو معهود ـ اللجوء للقوة أو العقوبات، كما تدعو إلى توفير دعم إضافي للأمم للمتحدة ومدها بوسائل مادية ومالية جديدة ودعم المنظمات الإقليمية في أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها. إلا أن التطورات التي صاحبت الأزمة من تدفق اللاجئين على تشاد، وانطلاق عناصر مسلحة في ملاحقة هؤلاء اللاجئين، وكذلك تحرك المتمردين بجانب التدخل الدولي الذي قد يكون لصالح القبائل المتمردة في دارفور، التي تتداخل مع القبائل في تشاد ما يعني نفوذاً أجنبياً وصراعاً إقليمياً، جعل فرنسا تتحرك للحفاظ على الوضع في تشاد وللعمل على وقف أي تغيير دولي قد يحدث في المنطقة، خاصة إذا كان يمس مصالحها أو مصالح الدول الفرنكفونية الأخرى. ونسبة لهذا الموقف من فرنسا سوف تعمل لمصالحها أولاً، وقد لا تكون جزءاً في أي مخطط جديد في المنطقة.

5. الدعم الدولي للمتمردين

إن الدعم الدولي الذي تحرص الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على تقديمه للمتمردين في دارفور ـ كما حدث ذلك مع الجنوبيين منذ عام 1983 ـ وخصوصاً الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي، يمثل أحد العوامل الرئيسية والمهمة في استمرار أزمة دارفور واستفحالها حيث مثل ذلك غطاءً لتعنتهم في المفاوضات والجهود والمساعي المبذولة لتسوية الأزمة. هذه هي الظروف المحيطة بالسياسة الأمريكية تجاه السودان في الوقت الحاضر. إذ رأت أمريكا أن الوقت أصبح مواتياً أكثر من أي وقت مضى للسير قدماً في تحقيق أهدافها؛ فجعلت المتمردين في موقف قوي، حيث جعلتهم طرفاً ثانياً في موقف الند للحكومة، يطالب بعضهم بالاستقلال صراحة بوصفه أحد الخيارات، ويطالبون بتوزيع الثروات والسلطات وغيرها. وتبنت أمريكا مطالبهم أو معظمها، تحت الشعارات الداعية لنشر السلم، وتحقيق السلام، ولحقن الدماء التي كانت وراء هدرها، ورفع المظالم والمآسي التي تسببت فيها.

6. السعي لتدويل أزمة دارفور

استطاع متمردو دارفور، بواسطة الحملات الإعلامية الخارجية، كسب التعاطف الدولي، وقد ركزت تلك الحملات على وجود تطهير عرقي وإبادة جماعية، وعلى وجود صراع عرقي بين العناصر العربية والأفريقية، ولهذا السبب تحرك المجتمع الدولي تجاه هذا الإقليم، على أساس أهمية السودان المركزية، وتصنيفها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إحدى الدول الداعمة للإرهاب. وكذلك على أساس أن السودان قد يخلق مشكلات إقليمية تؤثر على الأمن الدولي، ومن ثَم على المصالح الدولية؛ لذلك استغلت الولايات المتحدة الأمريكية المسألة لتحقيق أغراضها. واهتمت أمريكا بالضغط على السودان لاستكمال اتفاقية نيفاشا للسلام، حتى لا تتأثر الجهود الأخيرة، علماً بأن ما حققته الولايات المتحدة الأمريكية في دعم هذا الاتفاق له أهداف خارجية وأهداف داخلية كذلك. فالولايات المتحدة الأمريكية، في ظل الظروف الحالية المتميزة بالتدخل الأمريكي في العراق، وفي أفغانستان، وفي الحرب على الإرهاب، وفي إطلاق يد إسرائيل في فلسطين ربما تكون قد وجدت في أزمة دارفور منفذاً لتحقيق غايات متعددة؛ فيكفي الإدارة الأمريكية، حالياً، أن تتدخل ضد حكومة "دينية" في السودان تدعم الإرهاب حتى يتحقق الالتفاف الأمريكي حول الرئيس جورج بوش في الانتخابات القادمة، وهو جهد مطلوب.

وقد زار وزير الخارجية الأمريكي، كولن باول، السودان، يومي 29 و30 يونيه 2004، وقابل الرئيس السوداني وكبار المسئولين، كما زار دارفور. واتفق بعيد هذه الزيارة على ثلاث نقاط، وهي:

·   نزع أسلحة المليشيات المسلحة في دارفور.

·   تأمين عودة النازحين إلى قراهم.

·   رجوع اللاجئين السودانيين في تشاد إلى بلادهم مرة أخرى.

وقد هدد باول بإجراءات في مجلس الأمن، إذا أخفق السودان في قمع المليشيات العربية في دارفور، وحدد ثلاثة شروط لتفادى ذلك: أن تسيطر الخرطوم على المليشيات الموالية لها، المتهمة بقتل السكان ذوي الأصول الأفريقية في دارفور، والسماح للمنظمات الإنسانية بحرية العمل في الإقليم، وبدء المفاوضات مع حركتي التمرد الرئيسيتين.

ولم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية بذلك، بل أوصلت القضية إلى مجلس الأمن، وقد صدر القرار 1556 الذي أعطى السودان مهلة 30 يوماً وإلا فرضت عقوبات عليه. وتوالى الضغط على السودان، وتحرك الكونجرس مطالباً بالتدخل العسكري في السودان، خاصة أن باول، خلال زيارته للسودان، طرح ـ حسبما ذكرت بعض المصادر ـ نشر 25 ألف جندي أمريكي في ولاية دارفور تحت مظلة الأمم المتحدة، وهو يقصد من جراء ذلك تدويل القضية، وفتح الباب أمام التدخل الأجنبي وهو تدخل في الشؤون الداخلية للسودان. ومازال أعضاء في الكونجرس يسعون إلى تصنيف ما جري في دارفور إبادة جماعية، كما طالبوا بإنزال عسكري في الخرطوم وتغيير نظام الحكم. ويمكن الإشارة إلى أن هناك ركيزتَين أساسيتَين يمكن أن تشكلا مدخلاً للوقوف على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة الأمريكية لانتزاع إقليم دارفور من السيادة السودانية، ووضعه تحت مظلة الانتداب، بحيث يتحرك كدمية في يد صناع القرار في البيت الأبيض. وهاتان الركيزتان:

أ. أولهما مشروع الشرق الأوسط الجديد

كون السودان أكبر دولة عربية وإسلامية من حيث المساحة, بما فيها من موارد اقتصادية متعددة ومتنوعة يتعارض مع ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية من شرق أوسط جديد، لا يسمح بالكيانات الكبرى التي يمكن أن تتمتع بنفوذ يهدد الكيان 'الإسرائيلي، أو يقفز خارج القفص، بعيداً عن الأسر والهيمنة الأمريكية. فالسودان, على سبيل المثال, بما يملكه من موارد وثروات غير مستغلة، يمكنه أن يخرج العالم العربي من التبعية الاقتصادية للغرب، ويحقق له الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية, إذا ما حَسُن استغلال تلك الموارد وتوجيهها, وهذا بطبيعة الحال يشكل أرقاً مزمناً لصانع القرار الأمريكي, رغم الصعوبات التي تكتنفه والتحديات التي تواجهه. ومن ثم، فإنه قبيل الفراغ من الجنوب، كانت مشكلة الغرب السوداني في طور التصعيد, وفي الوقت ذاته يجري التحضير لجولة التصعيد الجديدة في الشرق، لتقسيم السودان إلى ثلاث دويلات طائفية في الجنوب والشرق والغرب. وهي قصة قريبة الشبهة لما يحدث في العراق, ويجرى التحضير لها لتطول مصر وعدة بلدان عربية وإسلامية أخرى.

ب. ثانيهما: العامل الاقتصادي

لقد أدى اكتشاف النفط في السودان، وبكميات كبيرة، إلى جعله هدفاً لمخططات أمريكية، تذكر بما دار ويدور في العراق. فقد دخل السودان بعزم مجال التنقيب عن النفط، وأصبح يستخرج نحو 345 ألف برميل يومياً, ولديه احتياطي يقدر بـ 183.2 مليار برميل, وهو بذلك يتفوق على احتياطي كثير من الدول المتربعة على عرش الإنتاج حالياً. ووفقًا للموجز الإحصائي للتجارة الخارجية السنوي لعام 2000، الذي أصدره بنك السودان، فقد سجلت صادرات النفط بمشتقاته نسبة 75 % من جملة الصادرات, بعائد بلغ حوالي 1.35 مليار دولار أمريكي. وقد أصبح النفط أهم إيرادات الدولة، وبلغت إيراداته، في ميزانية عام 2003، حوالي 367 مليار دينار سوداني. وقدرت ميزانية عام 2004 إيرادات النفط بـ373 مليار دينار سوداني بسبب الزيادة المطردة في الإنتاج، ودخول آبار جديدة دائرة الإنتاج. واللافت للنظر أن الحديث يجرى حالياً عن بحيرة من البترول، يعيش فوقها الغرب السوداني, في حين ما زالت عمليات التنقيب الجارية في الجنوب متمركزة في يد شركات صينية وهندية وماليزية, ومن هنا كان لابد, وفق رؤية الطامعين, من ضمان عدم امتداد هؤلاء إلى بحيرة الغرب السوداني‏.

أضف إلى ذلك الرغبة الأمريكية في الخروج من أسر الإمدادات البترولية من دول الخليج, حيث تعاني تلك البقعة من التهاب مزمن يساعد في تذبذب أسعار النفط وارتفاعها, ومن ثَم، كان تأمين الحاجات من أماكن أخرى, لاسيما أفريقيا, أولوية في المنظور الأمريكي. وقد أشار ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي, في تقرير أعده عام 2001 حول السياسة القومية الأمريكية للطاقة، أن أفريقيا ستكون "أحد المصادر الأمريكية المتنامية بسرعة من النفط والغاز". كما يرى البعض أن هناك احتمال لزيادة النفوذ الأمريكي في إفريقيا, حيث يرون أنها ستكون هي الهدف, وستكون مسرحاً للحروب القادمة بين القوى المتصارعة. هذا فضلاً عن اليورانيوم الموجود بكميات كبيرة في الغرب السوداني, والذي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية للإفادة منه في برامجها النووية من ناحية, وتمنع وصوله إلى أيدي جماعات مناهضة، أو دول يحلو لها أن تطلق عليها متمردة أو مارقة‏ من ناحية أخرى.‏

نخلص من واقع المواقف الدولية والإقليمية إلى أن أزمة دارفور ذات بعدَين: سياسي وقبلي، تكاملا مع البعدين الإقليمي والدولي لاستغلال الأزمات وتوظيفها، لأهداف ومصالح متنوعة، وأن القوى الدولية تمكنت من توظيف المنظمة الدولية لأخذ المبادأة في التحرك تجاه الأزمة وفق رؤيتها، وأن الاتحاد الأفريقي هو أحد عناصر القوة بين السودان والتدخل الأجنبي، لذا، فإن قوة حفظ سلام أفريقية هي إجراء مقبول دولياً ولا يمس السيادة، وأن التنسيق مع الأمم المتحدة يدعم موقف السودان. ويجب أن يقابل التقدم الذي حدث في مجال المفاوضات في أبوجا، وتقديم تنازلات للمتمردين في دارفور تهدئة الصراع، وتحفيز المجتمع الدولي للخروج عن صمته حيال المتمردين، وفي نفس الوقت يساعد هذا التقدم في المفاوضات، ويدعم تحرك السودان نحو الوفاق الوطني على مستوى الجبهة الداخلية، وقد يساعد في درء المخاطر التي مازالت تهدد حاضر السودان ومستقبله.