إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / مشكلة دارفور، وتداعياتها المحلية والإقليمية والعالمية






مناطق اللاجئين
إقليم دارفور
حدود إقليم دارفور



تحديث مشكلة دارفور

المبحث الثالث عشر

التطورات اللاحقة لاتفاق سلام دارفور وعملية حفظ السلام

أولاً. التطورات اللاحقة لاتفاق سلام دارفور

تتابع التطورات في أعقاب التوقيع على اتفاق السلام الخاص بدارفور، وهو ما يتطلب استمرار الاهتمام والمتابعة، طالما لم يتم إقرار تسوية نهائية تحظى بقبول جميع القوى، داخل الإقليم، والحكومة السودانية. وفي هذا الشأن نتناول الآتي:

1. تطورات تنفيذ اتفاق سلام

ما تجدر الإشارة إليه في الوقت الراهن، أن أزمة دارفور ومستقبل ذلك الإقليم مازال معقدا ومتوتراً؛ حيث زاد معدل العنف والقتال بعد اتفاقية أبوجا بين الحكومة وجناح "منى أركو مناوي"، أحد أكبر فصائل حركة تحرير السودان، المنشق عن الفصيل الآخر الذي يقوده المحامي "عبد الواحد محمد نور". ومما زاد في التعقيد الحصار الذي لازم قادة البلاد من القرار الأممي الرقم (1706) ومآلاته التي وصلت إليه، حتى أصبحت الآمال في تنفيذ اتفاقية السلام وتحقيق تسوية حقيقية لأزمة إقليم دارفور بين الحكومة والفصائل المعارضة لأبوجا، وفي عقد المؤتمر الدارفوري ـ الدارفوري المدرج في اتفاقية أبوجا، تواجه في الوقت الراهن بصعوبات عديدة، ومنها:

أ. أن التفاوض في أبوجا كان بين الحكومة وثلاثة فصائل:

(1) الأول: مجموعة "منى أركو مناوي"، التي وقعت مع الحكومة.

(2) الثاني: حركة تحرير السودان، بقيادة المحامي "عبد الواحد محمد نور".

(3) الثالث: حركة العدل والمساواة، بقيادة الدكتور "خليل إبراهيم".

والفصيلان الثاني والثالث لم يوقعااتفاقاً مع الحكومة في أبوجا، وما زالا يعارضان الحكومة عسكريا وسياسيا.

ب. تنامي الانقسامات وتزايد عدد الفصائل داخل إقليم دارفور، وهو الأمر الذي يزيد من الضغوط والصعوبات في مجال تطبيق اتفاق أبوجا.[1]

ج. وجود تنظيم جديد تشكل بعد اتفاقية أبوجا يضم: جناحي تنظيم التحالف الفيدرالي، وحركة العدل والمساواة الأم "الرئيسية"، ومجموعة "صلاح جوك"، ومجموعة ضباط شرق دارفور وكردفان، وبعض المجموعات الأخرى. كما أن هناك مجموعات صغيرة منتشرة في الإقليم ومنفلتة أمنياً ومستقلة عن الحركات الأم، وهي التي يمكن استقطابها حكومياً، أو بواسطة الحركات المسلحة الأخرى.

د. يضاف إلى ذلك، أن حركة الخلاص التي تعد أهم الفصائل في تلك المجموعات، والتي أسندت قيادتها إلى الدكتور "خليل إبراهيم"، الذي كان يرأس حركة العدل والمساواة، عمل على الاندماج بحركته الجديدة كلياً في الحركة الأم العدل والمساواة، أو التخلي عنها؛ إلا أن الحركة سارعت إلى إبعاده عن رئاستها، وأصبحت مستقلة باسم "العدل والمساواة".

إن مثل تلك الصعوبات  ليس من اليسير التعامل معها، على الرغم من الجهود المتواصلة وعلى الأصعدة المختلفة  سواء تعلق الأمر بالمحاولات والمبادرات الداخلية (مبادرة أهل السودان)، أو بالمنظمات الدولية (الأمم المتحدة)، أو الإقليمية (الاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية)، أو الدول الفاعلة دولياً (الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وغيرها)، أو إقليمياً (مصر، ليبيا، تشاد، قطر وغيرها).

2. دور الحكومة السودانية في رعاية تنفيذ الاتفاق

ترى الحكومة السودانية التي وافقت ووقعت على اتفاق أبوجا، أنها مستعدة للالتزام بكل ما ورد في هذا الاتفاق؛ ولكن الأمر يظل مرتهناً، بسياسات وممارسات الجماعات المتمردة في دارفور، والقوى والتنظيمات السياسية الوطنية، التي تدعمها في الداخل والخارج، وكذلك الدول والمنظمات ذات الصلة بهذا الشأن، وأن المعوقات الرئيسية تكمن فيما تقوم به. ومع التسليم، جدلاً، بتوافر النوايا الحسنة لدى كل الأطراف، سواء الوطنية منها أو الدولية والإقليمية الساعية لوضع حد لازمة دارفور، إلاّ أن الانحراف عن الهدف الرئيسي، الرامي لدفع الأطراف المختلفة للالتزام باتفاق أبوجا، يوصف أساساً مناسباً لوضع التسوية للأزمة موضع التحقيق الفعلي، والاستسلام للمناورات والمبادرات في ظل افتقاد الجدية والفعالية للتحركات الجارية على الأصعدة المختلفة وفي أكثر من عاصمة للبحث عن مخرج لأزمة دارفور، هذا الانحراف يدفع لإثارة العديد من التساؤلات حول واقع ومستقبل تلك الأزمة، ومنها: هل يمكن أن يؤدي هذا التزاحم في المناورات والمبادرات إلى تحقيق تسوية فعلية ؟ وفي هذا السياق يبدو أن الحاضر الماثل هو في الواقع ما يؤكد أن هذه التحركات والمبادرات المزدحمة، لا تعدو أن تكون سبباً في إعادة إنتاج هذه الأزمة في صور مختلفة، ما يجعلها عصية على تسوية مناسبة، خصوصاً في ظل تضارب أجندة الوسطاء وتقاطع مصالحهم، ويزيد الأمر تعقيداً أن الحكومة السودانية، المفترض أنها صاحبة هذا الشأن، تقاعست عن تقديم مبادرات لتسويات وطنية مناسبة ومرضية، وخصوصاً أمام عدم قبول أو عدم التزام الحركات والتنظيمات المناوئة لها بطرح أبوجا. وباتت الحكومة على قناعة بإمكانية انتظار الحلول الخارجية، التي لن تكون دون ثمن باهظ، وربما كانت حساباتها تقوم على أن القبول بهذا الوضع يعطي انطباعاً  وتأكيداً على مرونتها، كما أنه يعطيها مساحة من الوقت عسى أن يكون ذلك منجياً لها من العواقب.

ومن ثم، فإن الدور الذي ينبغي أن تضطلع به الحكومة السودانية في الوقت الراهن هو على درجة كبيرة من الأهمية، ويتطلب منها التحرك الدائم فيما يتعلق بأزمات السودان عامة، وأزمة دارفور خاصة، بأعلى درجات المسؤولية. وهذا الأمر يتطلب تركيز الاهتمام على تصورات جديدة للتعامل مع أزمة دارفور، وفقاً للمعطيات التالية:

أ. على المستوى السياسي والإداري: ضرورة أن تكون هناك مشاركة حقيقية من جانب المواطنين في دارفور في عملية صنع واتخاذ القرارات والسياسات، والمشاركة في السلطة وفي العملية السياسية داخل البلاد.

ب. على المستوى الاقتصادي: ضرورة التوظيف المناسب للموارد الاقتصادية وتعظيم العائد منها في إقليم دارفور، على اعتبار أن العامل الاقتصادي يعد أحد العوامل المهمة والرئيسية، للتغلب على العديد من المشكلات التي يعاني منها الإقليم، سواء المتعلقة بالقدرة الاستخراجية أو التوزيعية. كما يقترن العمل على المستوى الاقتصادي بضرورة تشجيع الاستثمار، وتنويع الموارد ومصادر العمل لعامة المواطنين، وفقاً لخطة تنموية شاملة لجميع مناطق الإقليم. وتشجيع الصناعات الصغيرة، التي تعتمد على الموارد المحلية المتوافرة في الإقليم. والاعتماد بقدر المستطاع على الإمكانيات الذاتية لرأس المال الوطني، وتيسير التسويق للخارج. كما أنه من الضروري تركيز الاهتمام على تنمية وإعمار دارفور، والبدء بإعطاء الأولوية لمشروعات البنية الأساسية، من حيث إقامة وتحسين أداء المرافق الأساسية، كالكهرباء والمياه الصحية ومجاري الصرف الصحي، وتمهيد الطرق، وإقامة شبكات الاتصال وغيرها، فضلاً عن استكمال المشروعات التنموية التي توقفت بسبب الصراع في الإقليم.

ج. على المستوى الاجتماعي: إن إقليم دارفور الذي عرف عنه منذ القدم التماسك الاجتماعي والتمازج الإثني، والاستقرار النسبي، وذلك لتمسكه والتزامه بالقيم الدينية والعادات والتقاليد الراسخة، التي تقوم على مبادئ التسامح والتعايش السلمي والمؤاخاة، في حاجة ماسة لإعادة التأكيد على أهمية تلك القيم والمبادئ والرجوع إليها والتمسك بها وإحياؤها بل وتعظيمها، عن طريق السياسات والممارسات الحكومية، ومن خلال المؤسسات السودانية المتنوعة، سواء الإعلامية أو الدينية أو التعليمية، وغيرها من المؤسسات ذات الصلة بهذا الأمر.

د. على المستوى الأمني: ثمة ضرورة إلى نبذ العنف والسعي للحل السلمي، والعمل بأقصى الجهد في دعم مجهودات الإغاثة لأهل الإقليم والنازحين منه. وضرورة تكاتف الجهود الحكومية والشعبية لإعادة حفظ الأمن في كافة أنحاء الإقليم، وبث الطمأنينة في نفوس النازحين واللاجئين وتشجيعهم للعودة إلى ديارهم، وبسط هيبة الدولة وتأكيد سيادة النظام والقانون وتحقيق العدالة، ومواجهة ظاهرة النهب المسلح، وغيرها من المشكلات التي تؤدي إلى حالة عدم الاستقرار بالإقليم.

وإذا كانت المشكلات في دارفور يمكن أن تستمر لفترة طويلة قبل إجراء تسويات حقيقية وواقعية لها، خاصة مع الأخذ في الحسبان تعاطف الدول المتربصة بالسودان، مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، مع أبناء شمال دارفور لدعم المواجهات المسلحة وانتشار الانفلات الأمني بإضعاف الحكومة المركزية والإبقاء على حالة التفرق والعداء بين العناصر العربية والإفريقية، وعليه فقد كان لزاماً على الحكومة أن تتحرك باتجاه بقية الأحزاب السودانية الأخرى المعارضة والمتحالفة، للاتفاق حول الحد الأدنى من الوفاق الوطني لمعالجة تلك المشكلات، في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وأن تعطي أولويات لمصالح الوطن العليا والمصالحة الوطنية بين جميع أبناء الشعب السوداني، ممثلاً في تنظيماته السياسية والمدنية، حتى لا تتعاظم التوترات وحتى لا تعم مظاهر السخط والاستياء التي تسود الساحة السودانية، وحتى لا تتراكم الأزمات سياسياً وامنياً وتزداد معها المخاوف والمخاطر المستقبلية.

3. دور حركات المعارضة المسلحة والقوى السياسية في التعامل مع الاتفاق  

لحركات المعارضة المسلحة في التعامل مع الاتفاق دور مهم، لا ينبغي أن تتقاعس عن القيام به، لصالح إقليم دارفور، بصفة خاصة، والدولة السودانية، بصفة عامة. وفي هذا الشأن ينبغي على تلك الحركات أن تسعى إلى توحيد رؤاها وسياساتها، وان تؤكد على المؤتمر الدارفوري الذي يجمع كل الطوائف والأفكار والقبائل الدارفورية، الإفريقية منها والعربية، والمقاتلة منها والمعارضة، أو المتحالفة مع الحكومة. ويجب أن يسبق كل ذلك اجتماع متكامل لكل تلك الحركات المسلحة، ثم الاجتماع مع قوى دارفور الأخرى للخروج برؤى موضوعية، وتصورات وتوصيات واضحة ومتفق عليها، وملزمة للجميع للتفاوض مع الحكومة بشأنها فيما بعد. ويجب الالتقاء مع كل الأطراف الموقعة على سلام أبوجا، بما فيها حركة "منى أركو ميناوي".

يضاف إلى ذلك أن البلاد وإن كانت تمر بظروف صعبة ومعقدة فهي تحتاج، بالضرورة القصوى، إلى أن تسرع الحكومة إلى الوفاق الوطني، وان تعمل على التفاف جميع الأحزاب السياسية للوصول إلى قرارات مصيرية وسيادية في شأن الوطن السوداني الواحد، ما يجعل ذلك الوفاق أمراً مدعوماً ومرهوناً سياسيا وجهوياً وقبلياً ودينياً، تحت غطاء السودان الموحد، متعدد الأعراق والأديان والثقافات. وعلى الأحزاب السياسية المعارضة أن تحاول وسعها لتقريب وجهات النظر مع الحكومة، بتقارب يقوم على أسس الاحترام المتبادل، وضرورة توافر الحد الأدنى من الوفاق والرؤى المشتركة في مواجهة المشكلات، وتغليب المصالح العليا للدولة السودانية في إطار ضرورة تقديم الجميع لتضحيات من أجل سودان مستقر وآمن، وخصوصاً في تلك المرحلة المصيرية.

ثانياً: التطورات المتعلقة بعملية حفظ السلام في دارفور

1. مستجدات عملية حفظ السلام في دارفور

عندما صدر قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1706، في أغسطس 2006، بتحويل قوات الاتحاد الإفريقي في دارفور إلى قوات أممية، قاومت الحكومة السودانية القرار بقوة ورفضته، إلى أن استبدل بعد عام بقرار آخر (القرار 1769)، يقضي بنشر ما عرف بـ"القوات الهجين" (المسماة يوناميد، أو البعثة الأممية الإفريقية في دارفور) في بعثة تكون الولاية عليها مشاركة بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وتشكيل القوات فيها إفريقي خالص، إلا إذا استدعت الضرورة استجلاب خبرات أجنبية بموافقة الأطراف المعنية. وبعد ممانعة طويلة واشتراطات كثيرة، قبلت الحكومة السودانية نشر تلك القوات. وفي مطلع عام 2008، رفع علم الأمم المتحدة على مواقع البعثة في دارفور وقد استطاعت هذه القوات تخفيف حدة الصراع وحماية المدنيين.

وفي أبريل 2009، أشار رئيس البعثة "رودولف أدادا"، إلى أن عدد الوفيات بالقتل في دارفور انخفض إلى أقل من 150 قتيلاً في الشهر، وأن ثلث القتلى الذين قضوا خلال العام (وعددهم ألفان) كانوا من المدنيين، وأن ثلثاً آخر كانوا قتلى النزاعات القبلية بين القبائل العربية في جنوب دارفور؛ بينما كان الثلث الأخير من المقاتلين، سواء من قوات الحكومة أو الحركات المتمردة، إضافة إلى بضعة عشر قتيلاً من قوات اليوناميد.

ويلاحظ في هذا السياق أن الأمين العام للأمم المتحدة رفض التجديد "لأدادا" لعام آخر، وجدد له ستة أشهر فقط، ما أجبره على الاستقالة من منصبه. وقد وجهت الأمم المتحدة انتقادات مبطنة للبعثة حين طالبتها في قرار مجلس الأمن الصادر آخر شهر يوليه 2009 باستخدام كل قوتها وصلاحياتها لتنفيذ مهامها، ما يعني أن الأمم المتحدة تعتقد أن البعثة تراخت في تأدية المهام المنوطة، بها، وهي حماية المدنيين. وكان الانتقاد موجهاً كذلك، على ما يبدو، إلى ما رأته الأمم المتحدة من علاقة ودية أكثر من اللازم بين رئيس البعثة والحكومة السودانية. وكأن مجلس الأمن (والقوى الكبرى التي صاغت القرار) يطالب قوات اليوناميد بأن تدخل في مواجهة سياسية (وربما عسكرية) مع الحكومة السودانية، من "أجل حماية المدنيين" مما تعتقده من بطش هذه الحكومة، على الرغم من أن اليوناميد نفسها أخبرت مجلس الأمن أن مثل هذا العنف، المفترض ضد المدنيين من قبل الحكومة أو القوات الموالية لها، لم يعد مشكلة.

وحسب إحصائيات الأمم المتحدة، فإن عدد القتلى في كل دارفور خلال شهر يونيه 2008 بلغ ستة عشر قتيلاً، غالبيتهم قضوا في جرائم قتل ذات طبيعة جنائية. وكان قرار إبعاد أدادا يكشف عن صراع تزداد حدته بين المركب الإفريقي والأممي في البعثة. فقد رضخت الأمم المتحدة على مضض لإصرار الحكومة السودانية على أن تظل هوية البعثة إفريقية تحت قناعها الأممي؛ ولكنها ظلت تعمل بدأب وإصرار على تهميش البعد الإفريقي فيها. وقد كان هذا الصراع يُخفي، أيضاً، صراعاً آخر بين الأفارقة أنفسهم. ذلك أن تغيير مهمة القوات الإفريقية إلى أممية لم يحدث إلا بعد اعتراف الأفارقة على أنفسهم بالفشل على مستوى القمة، تحت ضغوط غربية قوية. وقد كان بعض القادة الأفارقة يطالبون باستمرار البعثة تحت هويتها الإفريقية وزيادة الدعم لها؛ ولكن الغالبية في النهاية رضخت وقبلت الاعتراف بفشل البعثة الإفريقية، ما مهد الطريق لاستبدالها بما سمي "البعثة الهجين". وفيما يتعلق بإبعاد أدادا، أعربت بعض الدول الإفريقية الأهم عن استيائها لأنها لم تستشر حول قرار إبعاده، مع أن مثل هذا القرار يعد من أهم مقتضيات الشراكة التي تقوم عليها البعثة. وهذا بدوره دفع الأمم المتحدة إلى استنفار مستشاريها القانونيين لإثبات أن الاتحاد الإفريقي لا يملك أي صلاحيات في تحديد قيادة البعثة؛ لأنها بعثة أممية خالصة صدرت بقرار دولي تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وقد احتدم الخلاف داخل البعثة، أيضاً، بين شخصيات مهمة فيها، خاصة بين قيادة البعثة ممثلة في أدادا، والوسيط المشترك "جبريل باسولي"، وكان قد عُيّن في أغسطس 2009، بعد استقالة الوسيطين السابقين: "يان إلياسون" عن الأمم المتحدة، و"سالم أحمد سالم" عن الاتحاد الإفريقي، وتقرر أن يكون هناك وسيط واحد يمثل الطرفين. وقد بادر باسولي قيادة البعثة بالعداء، متهماً إياها بأنها لم تزوده بأي معلومات أو تحليلات تفيده في مهمته. ومن جانبها اتهمت شخصيات نافذة في البعثة باسولي بأنه "الحلقة الأضعف" في العملية الأممية، لأنه لا يمتلك رؤية للتحرك، وقد اكتفى بمحاولات ضعيفة للتواصل مع الحركات بغرض توحيدها، وهي محاولات لم تثمر شيئاً.[2] ومن ثم، أخذ الصراع داخل البعثة يتنامى بين من يدافعون عن هوية البعثة الإفريقية واستقلالها، وبين المسارعين إلى ممالأة القوى الغربية. وسبب ذلك أن مصدر التهديد الأكبر في دارفور ليس جيشاً نظامياً بل ميليشيات قبلية متعددة، ولا تحتاج القوات الحكومية إلى الدخول في أي صدام مع القوات الأممية في دارفور إذا تطور الأمر إلى مواجهة، بل يكفي أن تسحب قوات الشرطة التي تحرس مقار القوات وتتركها لمصيرها حتى تتحول مهمتها هناك إلى مهمة مستحيلة. إن ما تواجهه دارفور حالياً هو فوضى السلاح وتعدد الميليشيات وكثرتها، وهي مشكلة لا تحسم بقوة السلاح، كما يثبت فشل الحكومة في ذلك، وإنما بحل سياسي يزيل أسباب الصراع والنزاع.

ولعل من كانوا وراء قرار مجلس الأمن، الذي يدعو القوات إلى "استخدام كامل إمكانياتها وصلاحياتها"، لا يدركون خطورة هذا الأمر؛ فالقوات الأممية أرسلت إلى هناك لإيقاف الحرب، وليس لاستمرارها. والواقع يشير إلى أن هذه البعثة لم تستعمل قدراتها وإمكانياتها العسكرية في المواجهة مع أي طرف، حتى الجهات التي تهاجمها. ولو أنها دخلت في مواجهة عسكرية مع الحكومة أو أي ميليشيات، لكانت واجهت إشكالية البعثات الأممية والإقليمية في الصومال، واضطرت للرحيل سريعاً. ولعل المفارقة هي أن هذه البعثة لم تصبح قادرة على العمل في دارفور، إلا لأن سلطة الحكومة في مناطق عملها قائمة ونافذة، ما يتيح توافر الأمن لها. فهي تعتمد على سلطة الحكومة وتعاونها لبقائها، ولو سُحب ذلك التعاون لكان الأمر مختلفاً تماماً. ومن ثم فإن الأزمة الداخلية التي تعيشها قوات اليوناميد ستلقي بتأثيراتها على عمل هذه القوات في دارفور. فقد كسبت القوى الموالية للغرب جولة في هذا الصراع، وهي تسعى لتطهير البعثة من بقية جيوب الممانعة الإفريقية، ثم التحرك لتنفيذ أجندة متشددة قد تفجر الصراع في دارفور مجدداً، كما أنها ستجعل من الصعب تحقيق أي تقدم في عملية السلام. ذلك أن السياسات المتشددة التي تبناها مجلس الأمن، وتلك التي تمارسها قيادة البعثة الحالية، ستشجع الحركات الرافضة للسلام على التشدد في مطالبهم ومواقفهم، استناداً وتطلعاً إلى تحرك أممي جاد قد يحسم الأمور هناك لصالحها.

لا شك ثمة ضرورة حقيقية إلى الإدارة الجيدة والتوظيف المناسب لبعثة حفظ السلام في دارفور ولمهامها، وذلك بناءً على قاعدة أن أعضاء بعثات حفظ السلام هم في مهمة إنسانية، وهي رسالة وليست وظيفة، وأن طبيعة مهمتهم مؤقتة في البلد المعني، وعليهم احترام سيادة ذلك البلد وتقاليد أهله، وتذكر أنهم عامل مساعد لإحلال السلام، وليسوا الأطراف الأساسيين فيه.  

2. مستجدات التفاوض الإقليمي ـ الدولي بشأن سلام دارفور

لعل المفارقة الكبرى حول ما يجري في مجال محاولات إيجاد مخرج من المأزق الدارفوري، أن التحركات التي ينشط فيها مبعوثون ووسطاء دوليون وإقليميون، تجري في إطار ما يسمى "توحيد الفصائل الدارفورية"، استعداداً وتهيئة لجولة تفاوض يفترض أن تكون حاسمة. وأن الشرط الأساسي لإكسابها هذه الصفة الحاسمة هو جمع شتات المفاوضين، من نحل وملل الحركات المسلحة، حول مائدة التفاوض. وتبرز المفارقة في أن طريقة التعامل الدولي والإقليمي مع هذه الحركات، والتي تتركز حول ضرورة "توحيدها"، تجيء من أطراف خارجية مطلوب منها أن تتخذ موقفاً مشتركاً لدعم مسار موحد لتسوية، قبل أن تقنع الحركات المتشرذمة بذلك. وفي الحقيقة، فإن انقسام الحركات الدارفورية صنعته أجندة الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية المتعارضة المصالح، بأكثر مما هو نتاج وجود اختلافات موضوعية حول الرؤى أو مواقف متباينة حقيقية، داخل هذه الفصائل المنقسمة على نفسها.

إن أهمية توحيد المسار التفاوضي ليست اكتشافاً جديداً، فقد اعترف المجتمع الدولي بأن تعدد المنابر التفاوضية كان سبباً مباشراً في عرقلة جهود التسوية؛ ولذلك جرى الاتفاق على صيغة جديدة لوسيط مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، يمثلها البوركيني "جبريل باسولي"، بديلاً لصيغة الوساطة الثانية التي نشط فيها لحين السويدي "يان فرالسن"، والتنزاني "سالم أحمد سالم"، واصطدمت محاولاتهما الحثيثة بالمصالح المتضاربة والأجندات المتقاطعة لأصحاب المبادرات. وها هي عناصر المجتمع الدولي نفسها تعمل على تقويض فكرة توحيد المسار التفاوضي، بإعادة الترويج لمزيد من المفاوضات في أكثر من دولة، تحت حجة العمل على توحيد صف الحركات المسلحة. وقد تحول الوسيط الدولي الإفريقي المشترك "جبريل باسولي"، المفترض أنه الممسك بزمام جهود التسوية، إلى منسق فقط لمفاوضات جانبية متعددة في أكثر من عاصمة في المنطقة، في وقت يحيط فيه الجمود بمسار التفاوض الرئيسي.

ومن المرات القليلة التي جرى فيها الاتفاق على منبر تفاوضي موحد، حظي بدعم دولي وإفريقي وعربي، كانت تلك المحاولة التي انضمت فيها الجامعة العربية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وبرعاية دولة قطر في الدوحة؛ ولكن سرعان ما تبين أن ذلك التوافق كان شكلياً، على الأقل للجانب العربي. ويبدو أن مصر لم تخف أصلاً عدم ارتياحها لدور قطري في هذا الشأن، وإن كان ذلك يحدث تحت مظلة دولية وإقليمية. كما أن الدوحة ظنت لوهلة أن الدعم الدولي الذي يجده منبرها التفاوضي يمكن أن تتجاوز به الدور المصري؛ ولكن، على ما يبدو، فالقاهرة لم تكن بمفردها في تحفظها إزاء التحرك القطري؛ فليبيا التي ترى نفسها اللاعب الأساسي في ملف دارفور، لم تكن هي الأخرى مرتاحة، بيد أن الفرق أن الدوحة اهتمت بخطب ود طرابلس وكسبها إلى جانبها، في حين تغاضت تماماً عن التعاطي مع القاهرة، وهو ما كشف عنه بوضوح لقاء القاهرة الرباعي، خلال أغسطس 2009، الذي غابت عنه قطر، ولم يكن هناك مبرر لعدم حضورها سوى تأكيد حالة التنافر بين الطرفين بهذا الشأن، وهذا يعني بوضوح أن الطريق ليس معبداً تماماً أمام مسار الدوحة التفاوضي، ما يطرح تساؤلا حول إمكانية أن تنتج تلك المفاوضات حلاً في ظل هذه المعطيات المعقدة. وعلى الرغم من محاولات المسؤولين نفي أن تكون التحركات ذات الصلة تهدف إلى خلق آليات أو مسارات تفاوض بديلة عن منبر الدوحة، إلا أنها لا تعدو أن تكون محاولة يائسة للتخفيف من تأثير الصراع غير المستتر؛ فالحكومة السودانية أصبحت بين شقي الرحى في السباق بين الدوحة والقاهرة، لا تعرف كيف ترضي الطرفين في الوقت نفسه. ويزداد الأمر تعقيداً بعد دخول طرابلس على الخط، في محاولة للجمع بين الحكومة وحركة العدل والمساواة.

إن التأكيد في هذا الطرح على الدور المحوري لتضارب الأجندات الخارجية، في تعقيد فرص التسوية لأزمة دارفور، بل وتأخير تحقيقها، لا يأتي من فراغ؛ بل تسنده وقائع ومعطيات ماثلة. كما أنه لا يهدف إلى إعفاء الأطراف السودانية من المسؤولية عما آلت إليه الأحوال؛ فالحكومة يبدو أنها عاجزة عن القيام  بمسؤوليتها في البحث عن تسوية وطنية لهذه الأزمة، وباتت تعتمد على للتحركات والحلول الخارجية، كما هو ظاهر من قبولها غير المشروط بكل المبادرات الخارجية، في محاولة لإثبات المرونة والتجاوب. وإذا كان التأثير الخارجي على الوضع في دارفور هو أمر واقعي، إلاّ أن ذلك ليس كافياً ولا حتمياً للارتكان إلى المبادرات الخارجية، وهي سياسة لم تفض إلا إلى المزيد من التعقيدات والصعوبات، من جانب الأطراف الخارجية، وإهدار الوقت في انتظار تسويات يبدو أنها غير ممكنة، خصوصاً وأن الذي يأتي بها أطراف ليست متضاربة الأهداف والمصالح وحسب، بل أسهمت في خلق قناعة راسخة بأن التسوية لن تأتي إلا من الخارج، في وقت لم تغادر مبادرات الحكومة الوطنية لتسوية الأزمة مرحلة الشعارات السياسية والمهرجانات والمؤتمرات الخطابية، ولم تتحول إلى برامج فعالة قادر على تغيير الواقع. ولعل النتائج العملية لما سُمي "مبادرة أهل السودان"، مع كل الزخم الذي رافقها، يدلل على مدى العجز الداخلي، وحالة الاستسلام  للمبادرات الخارجية، على الرغم من حالة العجز والإخفاقات المصاحبة لها.

إن المسؤولية في هذه الأزمة الوطنية لا تقع على الحكومة وحدها، بل تتقاسم المسؤولية معها بقسط كبير الفصائل المتشرذمة والمتمردة في دارفور. وكان أغلب الظن، بادئ الأمر، أن الناشطين من أبناء دارفور أطلقوا ثورة مسلحة من الهامش ضد المركز المسيطر من أجل قضية تهدف إلى إنهاء التهميش، وتحقيق شراكة عادلة في السلطة والثروة والتنمية، وهي أهداف كفيلة بأن يتوحد حولها أبناء الإقليم، من أجل الأهداف والمصالح الحقيقية؛ لكن سرعان ما اتضح أن هناك تباينات كبيرة في خدمة المصالح العليا، سواء للإقليم ذاته أو للدولة السودانية.، ومع حقيقة أن لدارفور قضية تستحق التعامل معها بأقصى درجات الموضوعية، وأنها في الواقع انعكاس لأزمة السلطة السياسية في السودان كله، وليس في هذا الإقليم وحده، وهو ما يتطلب تناولاً وتعاملاً كلياً لأزمة الحكم في البلاد، وليس حلولاً جزئية على غرار ما حدث في نيفاشا، التي أثبتت عدم نجاعتها، إلا أن سلوك الحركات المتمردة أثبت أنهم لا يختلفون كثيراً عمن ثاروا ضدهم؛ فالصراع على الامتيازات والبحث عن مغانم السلطة والثروة هو الذي قاد لتلك السلسلة من الانقسامات العبثية في أوساط الفصائل المسلحة. وأصبح بعضها يلعن بعضاً، وضاع ما كان يسمى بقضية دارفور تحت وطأة هذه الانقسامات، ولم يعد أحد يعرف، على وجه التحديد، ما قضية دارفور المراد تسويتها، ليحل محلها البحث عن مقاعد للتفاوض لهذا العدد الكبير من الأطراف المزعومة. لقد أثبتت هذه الانقسامات العبثية أن المشكلة لا تتعلق بصراع بين الهامش والمركز، كما يزعمون؛ بل تتعلق بأزمة الطبقة السياسية السودانية التي تديرها عقلية واحدة، وإن اختلفت مسمياتها ومستوياتها السياسية، والتي أنتجت أزمات السودان وحالة التيه التي يعيشها منذ عقود.

ويبدو أن ثمة قاسماً مشتركاً بين الحكومة السودانية وبين الفصائل المتمردة عليها، هو أنها جميعاً لا ترى أفقاً لحل وطني، وإنها تتفق جميعها على وضع مصير البلاد ومستقبلها مرتهناً بإرادات وبأجندات خارجية. وهذا السبيل من الحركات المتمسحة بأزمة دارفور، ليست في الواقع سوى صدى لأطراف خارجية تبحث لها عن أذرع محلية لتمرير أجنداتها. صحيح أن الوازع الوطني يقتضي أن تملك القوى الوطنية، سواء الحاكمة منها أو المعارضة، القدرة على تسوية أزماتها بمبادرات قومية؛ ولكن، للأسف، فإن افتقاد هذا الوازع الوطني يعاني منه جميع القوى والتنظيمات على اختلاف أطيافها السياسية، من أقصى اليمين إلى أدنى اليسار وما بينهما؛ ولذلك لا يبدو أن هناك من يبدي انزعاجاً أو استغراباً لكون البلاد تحولت إلى "سلة مبادرات أجنبية"، وأصبح التعامل مع هذا الوضع أشبه بوصاية خارجية مفروضة، بل وبات هذا الوضع في حكم الأمور العادية، ولذلك لم يعد هناك من يرفض أن تقوم الأطراف الخارجية بدور، ويبدو أن هناك تسليماً بذلك حتى ولو كان هذا الأمر على حساب الأهداف والمصالح العليا للدولة السودانية، في حين تشير الموضوعية والحدود الدنيا من الوطنية / القومية، إلى وجوب أن يكون الدور المطلوب ايجابياً، وأن يصب في خانة تسوية أزمة دارفور لا تأجيجها، والحيلولة دون إضاعة الوقت والجهد في مزيد من المناورات والمبادرات الخارجية.

وفي إطار التناول والتعامل مع المبادرات، فإن المبادرة التي تمخض عنها الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية العرب في الثامن من سبتمبر 2008، والقاضية بتشكيل لجنة وزارية من ست دول لترتيب ورعاية السلام في دارفور، تصل بعدد المبادرات لأكثر من سبع وثلاثين مبادرة خارجية، ومع كل مبادرة جديدة يظل الأمل معقوداً أن يتم إيجاد تسوية حقيقية ودائمة لأزمة دارفور. وتشكل هذه المبادرة أول محاولة للجامعة العربية في الولوج للمشكل الدارفوري، منذ اندلاع الأزمة. والمشاهد أنه رغم تعدد المبادرات والمبعوثين، كان يحسب على الجامعة العربية غيابها عن القضية، وإذ اختصرت جل مساهماتها في تقديم بعض الدعم لمعالجة الجوانب الإنسانية في الإقليم، وكان أقصاه مبلغ 250 مليون دولار في مؤتمر شبكات المنظمات العربية لدعم الجهود الإنسانية بدارفور عام 2007، الذي عقد بالخرطوم. وتتطلع الجامعة العربية أن يعينها حل أزمة دارفور في إحداث اختراق في ملف المحكمة الجنائية الدولية، بالتنسيق مع الإتحاد الإفريقي، لإقناع مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار بتأجيل إجراءات المحكمة الجنائية، وإعطاء القضاء السوداني فرصة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في دارفور. وتواجه المبادرة العربية بغير القليل من العقبات، وإن بدت الحكومة أكثر المتحمسين لها. فقد رحب وزير الدولة بالخارجية "على كرتي" بالمبادرة، وأبان استعداد الحكومة لدفع جهودها "وأعتبرها من أهم قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب، مشيرا إلى أن عمل هذه اللجنة هو ضمن حزم الحل المتوافق عليها بين السودان والجامعة العربية باعتبار أن هذه الحزمة تحتاج إلى حل شامل يجمعها، وهو السلام عبر المفاوضات".

وعلى الرغم من أن اللجنة السداسية لم تفصح بعد عن خارطتها لحل الأزمة، تبقي العقبات التي واجهت الوسطاء الإقليميين والدوليين تنتظرها، دون أن يطرأ عليها جديد. وتتمثل هذه العقبات في توحيد الحركات المسلحة أو على الأقل توحيد موقفها التفاوضي، وهي عقبة ستكون أولى المحطات لاختراق جدار الأزمة. ولن تجد اللجنة العربية صعوبة في إقناع الحكومة بالتخلي عن مواقفها السابقة الخاصة بعدم تجاوز أبوجا، وإقناعها ببعض التنازلات لتحقيق قسمة سلطة وثروة مرضية لأهل دارفور، بعد أن بدت الحكومة أكثر استعدادا لذلك. كما تحتاج اللجنة العربية لتفاهمات مع تشاد، التي ترتبط بصلات وثيقة مع بعض الحركات، وتشهد علاقاتها مع الخرطوم توتراً يتطور كثيراً إلى مرحلة الكيد المشترك. وعلى اللجنة العربية إقناع الحركات المسلحة بجديتها وحياديتها.

3. مبادرة أهل السودان للتسوية السلمية لإنهاء الصراع السوداني في دارفور

في ختام ملتقى أهل السودان، في 22 يناير 2009، ألقى الرئيس السوداني عمر البشير خطاباً تضمن مقررات وتوصيات هذا الملتقى، وكانت على النحو الآتي:

أ. محور الأمن وبسط هيبة الدولة

(1) تهيئة لأجواء العملية السلمية، وتأكيدا للجدية وحسن النية، وتسهيلا لنشاط المنظمات الإنسانية العاملة بدارفور ومؤسسات الحكم المختلفة، لإيصال الخدمات الضرورية من كساء وغذاء وتعليم، ولاستمرار مجهودات التنمية والبناء وإعادة الإعمار بدارفور، وتقليلا للأخطار التي يتعرض لها العُزل من المواطنين، فقد تم الموافقة علي الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار، ما بين القوات المسلحة والحركات المسلحة، علي أن تتوافر لها آلية مراقبة فاعلة ومشتركة من كافة الأطراف والقوات المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وأن يبدأ هذا الإجراء بتحديد مواقع الأطراف والإجراءات المتصلة بالمراقبة والتحركات الإدارية وتأمين أطواف الإغاثة، وغيره.

(2) تأكيداً للروح الوفاقية التي ميزت هذا الملتقي، وتهيئة للأجواء المناسبة لانعقاد المفاوضات، تتوقف الحملات الإعلامية حتى نهاية هذا العام.

(3) توفير خدمات الأمن الشامل لقرى النازحين عبر توسيع وتعميم الشرطة المجتمعية، وتجهيزها بكامل معداتها وأجهزتها، لتمكينها من أداء دورها.

(4) إطلاق حملة فورية لنزع السلاح من كل الأطراف، فور الدخول في الترتيبات الأمنية مع الفصائل المسلحة.

(5) تمكين القوات الدولية الهجين (اليونميد) من أداء دورها المنصوص عليه في اتفاقية وجودها، من خلال الاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لها لحفظ الأمن والسلام.

 ب. محور السياسات والخيارات

(1) التأكيد على الالتزام بالتفاوض من أجل الوصول للحلول السلمية الوفاقية، التي تضمن إزالة الصراع من جذوره، من خلال المعالجة السياسية المتكاملة للقضية، في إطار وحدة السودان وسيادته ومقتضيات المصالح الوطنية العليا.

(2) الموافقة على زيادة عدد الولايات في دارفور، بعد إجراء مشاورات لتشكيل لجنة لإعداد دراسة حول هذا الموضوع، لتقديم التوصيات المناسبة.

(3) توجيه الولايات بإعادة النظر في المحليات، تحقيقاً للوئام والسلام الاجتماعي، وإشراكاً للمواطنين في إدارة أمرهم.

(4) الموافقة على مبدأ التعويضات الجماعية والفردية للمتضررين، وأن تقوم الجهات المختصة بحصر دقيق للنازحين واللاجئين وتصنيفهم إلى أسر كبيرة ومتوسطة وصغيرة، تمهيدا لتقديم الدعم لهم، آخذين في الاعتبار قدرات الدولة المالية والإطار الزمني المناسب لمنح هذه التعويضات، وأن الدولة اعتمدت فوراً مبلغ 40 مليون جنيه لهذا الغرض، وستتوالى الاعتمادات في الميزانيات القادمة تباعاً.

(5) الالتزام بتقديم خدمات مقدرة في مجالات التعليم والصحة والمياه والدعوة، في قري النازحين واللاجئين؛ توفيراً للظروف المناسبة لعودتهم.

(6) تكوين لجان من الملتقي للاتصال بالحركات غير الموقعة على اتفاقيات السلام، لدعوتها وتشجيعها للمشاركة في مفاوضات السلام

(7) إرسال وفود قومية إلى ولايات دارفور تبشر بمقررات المؤتمر والجهود الجارية لتحقيق المصالحة والسلام.

ج. محور التنمية والخدمات

(1) مواصلة العمل في تنفيذ طريق الإنقاذ الغربي، الذي تم افتتاح قطاع رئيسي فيه، يوم 21 يناير 2009، ويمتد من الخوي إلي النهود بطول 103 كم، وتواصل العمل في قطاع النهود أم كدادة، مع اعتماد مبلغ 704 ملايين جنيه لإكمال الطريق في محاوره المختلفة بأسرع وقت ممكن.

(2) الالتزام بإيصال خط الضغط العالي للكهرباء لولايات دارفور الثلاث، بأعجل ما يتيسر.

(3) الالتزام بحفر 685 بئراً في ولايات دارفور الثلاث خلال ميزانية العام 2009م، في إطار إعادة الإعمار والتوطين.

(4) توفير التقنيات الحديثة لتمكين النازحين من بناء منازلهم بالمواد الثابتة، تحقيقاً للاستقرار وحماية لها مما تتعرض إليه من دمار.

(5) الالتزام بتشييد 139 مدرسة أساس وثانوي بولايات دارفور الثلاث، خلال ميزانية العام 2009.

(6) الالتزام بتشييد 45 مستشفي ومركز صحي خلال ميزانية العام 2009.

(7) البدء في إعادة تأهيل المشروعات الزراعية الكبرى في ولايات دارفور الثلاث، في هبيلة، وجبل مرة، وأم عجاجة، وساق النعام، وأم بياضه، ومشروع درء آثار الجفاف والأمن الغذائي؛ إحداثا للنهضة الزراعية الشاملة وتوفيراً للأمن الغذائي للمواطنين.

(8) الالتزام بإكمال شبكات المياه بمدن نيالا والفاشر والجنينة، بتكلفة 73 مليون جنيه.

(9) إنشاء محفظة من البنوك لتوفير التمويل للمنتجين بمبلغ 50 مليون جنيه.

د. محور تحقيق العدالة وبناء السلام الاجتماعي

(1) تأكيد العزم على تحقيق العدالة ودعم مؤسساتها لتنهض بواجباتها الأخلاقية والقانونية، مع إعمال وتشجيع مبدأ المصالحات والعفو وسيلة للتراضي والتعافي المجتمعي.

(2) توجيه الجهات المختصة للالتزام القاطع بتطبيق القانون وتنفيذ الأحكام علي الجميع.

(3) الموافقة على إنشاء صندوق قومي للديات برأس مال مبدئي قدره 100 مليون جنيه، تسهم الحكومة الاتحادية فيه بمبلغ 30 مليون جنيه، وأن الولايات الأخرى، وفي إطار التكافل والتناصر مع أهل دارفور، وافقت علي دفع مبلغ 50 مليون جنيه كمساهمة في الصندوق، على أن يستكمل باقي المبلغ بواسطة حكومات ولايات دارفور والإدارات الأهلية ودعم المانحين.

(4) تشكيل آلية قومية لمتابعة توصيات وقرارات مؤتمرات الصلح السابقة واللاحقة ورعاية المصالحات القبلية، وإكمال فض المنازعات القائمة، والتحسب من نشؤ أي نزاعات قبلية جديدة.

(5) تكوين لجنة من المختصين لدراسة تطوير الإدارة الأهلية، وتعزيز قدراتها وإمكاناتها.

هـ. محور العلاقات الخارجية

(1) توجيه الشكر والتقدير لجميع الذين أسهموا وشاركوا في الجهود المتصلة لحل قضية دارفور، من الإخوة في ليبيا ومصر ونيجيريا واريتريا وإثيوبيا والسنغال وتنزانيا، وتأكيد الترحيب والثقة الكبيرة في المبادرة العربية الإفريقية بقيادة قطر، وفي جهود المبعوث المشترك للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، والتأكيد على أن توصيات هذا الملتقى ستوفر أرضية صلبة وخيارات حقيقية، ينطلق منها وفد التفاوض للحوار مع الحركات المسلحة.

(2) التأكيد على الترحيب بالخطوات التي تمت في اتجاه تطبيع العلاقات مع دولة تشاد، وتأكيد الحرص علي إكمال هذه الخطوات في أسرع وقت ممكن، دفعاً لحسن الجوار وعلاقات الأخاء.

ويلاحظ على تلك المقررات والتوصيات، التي اتخذها وتبناها ملتقى أهل السودان بشأن دارفور، وأعلنها النظام الحاكم في السودان، على لسان الرئيس عمر البشير، أن أهم ما تضمنته: الموافقة على الوقف الفوري وغير المشروط لإطلاق النار، ما بين القوات المسلحة والحركات المسلحة. وهو أمر ضروري لوضع حد لحالة عدم الاستقرار داخل الإقليم، وتمكين القوات الدولية الهجين (اليوناميد) من أداء دورها المنصوص عليه في اتفاقية وجودها، من خلال الاختصاصات والصلاحيات الممنوحة لها لحفظ الأمن والسلام. وفي هذا الصدد يحسب للحكومة السودانية أنها تبذل جهوداً ملموسة لتيسير عمل تلك القوات، بل وتوفير الحماية اللازمة لها. ومن ثم فإن التأكيد على ذلك من خلال تلك المقررات والتوصيات، هو بمثابة تجديد التأكيد بالتزامات الحكومة حيالها. كما أن الإشارة إلى الالتزام بالتفاوض من أجل الوصول للحلول السلمية التوفيقية، التي تضمن إزالة الصراع من جذوره، من خلال المعالجة السياسية المتكاملة للقضية في إطار وحدة السودان، وسيادته، ومقتضيات المصالح الوطنية العليا، هو توضيح للأساس الذي تقوم عليه عملية التفاوض من أجل إحلال السلام في الإقليم، وإن كان مثل هذا التوجه هو ملمح عام، لا يوضح الأسس والآليات العملية للوصول لهذا السلام.

لا شك أن الموافقة علي مبدأ التعويضات الجماعية والفردية للمتضررين نتيجة أزمة دارفور، هو أمر منطقي وضروري؛ ولكن يبقى، أيضاً، البرهان العملي خير تأكيد على حسن نوايا ومصداقية الحكومة في التعامل مع مخرجات تلك الأزمة. والشيء ذاته يذكر فيما يتعلق بتأكيد الالتزام بإقامة المرافق المختلفة في جميع مناطق دارفور، وتأكيد العزم علي تحقيق العدالة ودعم مؤسساتها لتنهض بواجباتها الأخلاقية والقانونية، وضرورة إعمال وتشجيع مبدأ المصالحات والعفو، كوسيلة للتراضي والتعافي المجتمعي. ويبدو أن الحكومة السودانية استثمرت هذا الملتقى كمناسبة للإشادة بجهود الوساطة الإقليمية والدولية الرامية لتسوية أزمة دارفور. وعلى الرغم من أن مثل تلك المقررات والتوصيات على درجة كبيرة من الموضوعية، إلا أن المحك الرئيسي أمامها هو أن توضع موضع التطبيق الفعلي، وأن يلتزم بها جميع الأطراف والقوى والتنظيمات ذات الصلة.

ما الذي يمكن أن تقدمه مبادرة أهل السودان لحل أزمة دارفور؟ وكيف ستتأثر برفض هذا العدد من أحزاب المعارضة؟ وكيف سينعكس إطلاق مبادرة البشير والملابسات التي صاحبتها على الجهود الإقليمية والدولية لحل أزمة الإقليم؟ أطلق الرئيس السوداني مبادرة سماها "مبادرة أهل السودان لحل أزمة دارفور""، وكان إعلان رئيس الجمهورية لخطوط هذه المبادرة في احتفال في بداية شهر يوليه 2008، بعد ذلك اجتمع رئيس الجمهورية مع قيادات الأحزاب في قصر الضيافة، وضم الاجتماع كل القوى السياسية الموجودة، والتي أجمعت على قيام هذا الملتقى للتحاور والتشاور؛ ثم كانت زيارة رئيس الجمهورية إلى دارفور. وكان قد سبق الزيارة بأيام مطالبة المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية باعتقال البشير، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور.

إن المعنى الرمزي لتوقيت المبادرة واسمها، يشيران إلى أنها إجماع وطني سوداني، في مقابل تسلط خارجي يمثله ما وصف يومها بادعاءات أوكامبو وتجنيه على سيادة السودان. وإن كان بعض الساسة (عضو الأمانة السياسية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم عطا المنان إدريس) يرى أن قضية المحكمة الجنائية جاءت عرضاً أثناء هذا التداول، وأنه لا يوجد ارتباط لهذه المبادرة بأي شكل من الأشكال بتلك القضية، ولكنها دخلت كنوع من الاستهداف الدولي يمكن أن يؤثر سلبا هنا وهناك؛ وأنها مبادرة حقيقة استهدفت وضع خيارات للحلول السياسية والتراضي السياسي في السودان لحل مشكلة دارفور، وحلحلة كثير من مشاكل السودان في أطرافه المختلفة، حتى يكون بالإمكان تهيئة المناخ لمرحلة التحول الديمقراطي المقبلة. غير أن هذا المعنى لم يعد فيما يبدو قائماً، بعد أن أعلن أكثر من عشرين تنظيماً حزبياً وسياسياً مقاطعته للمبادرة، المنتظر إطلاقها في 16 أكتوبر2008. وقد جاءت المقاطعة في بيان أصدره اجتماع لهذه الأحزاب، التي ضمت الحزب الاتحادي الديمقراطي، والحزب الشيوعي، وحزب البعث. أما تبرير المقاطعة فهو، بحسب البيان، أن المبادرة تحمل مفارقة لأنها غيبت غالبية القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وأن الأحزاب المجتمعة تجهل تماماً جدول أعمال المبادرة ومكانها وزمانها ومحتواها.

ومن ناحيته، فإن "حسن الترابي" زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض، أشار إلى أن تلك المبادرة ليست إلا حشداً للدولة، لدواعي أخرى لا صلة لها بدارفور، وإنما لإنقاذ نفس واحدة (ربما المقصود بذلك البشير). والموقف الرافض للمبادرة نفسه هذا تبنته فصائل التمرد في دارفور، وتمثل في وصفها إياها بأنها مضيعة للوقت والمال، وبأنها مراوغة هدفها كسب الوقت لإبعاد شبح المحاكمة عن البشير، حسب تعبير الفصائل. غير أن المؤتمر الوطني الحاكم لم يأبه، فيما يبدو، باعتراضات المعترضين حيث أعلن أمين دائرته السياسية أن مقاطعة الأحزاب والحركات المتمردة لن تؤثر على مسيرة المبادرة أو نتائجها، وأن كل القوى السياسية الرئيسية هم أعضاء في هذه المبادرة، ومنها: المؤتمر الوطني، الحركة الشعبية، حزب الأمة بقيادة صادق المهدي، الاتحاد الديمقراطي جناح الميرغني، وأن أكثر من 33 حزباً شاركوا في هذه المبادرة، إضافة إلى العلماء من الجامعات والأكاديميين والإدارات الأهلية، والقيادات السياسية، وقيادات وممثلين أكفاء تطوعوا للمشاركة، وكذلك الإدارات الأهلية التي تقود مجتمعات دارفور بمختلف مسمياتها.  

من ناحية أخرى، يرى آخرون عدم الانتقاد المسبق لتلك المبادرة، لأن قضية دارفور هي القضية الأساسية التي تواجه السودان في الوقت الراهن، والواضح أنها تحتاج إلى تسوية سودانية سريعة ومنصفة، لأنها طال بها الغياب في المعترك الخارجي، دون أن يحدث حراك داخلي يؤدي إلى حل هذه الأزمة؛ ومن ثم فإن فكرة المبادرة من كل أهل السودان ينبغي أن تجد التأييد والتأكيد على أهميتها. ولذلك عندما طرح رئيس الجمهورية الفكرة وجد موافقة جماعية من كل القوى السياسية، وكان يقتضي ذلك أن تتولى الإعداد والتحضير لهذه المبادرة لجنة تمثل كل القوى السياسية حتى تأتي النتيجة جماعية، وأن القصور يكمن في انفراد الحزب الحاكم بالتحضير لهذه المبادرة دون إشراك الجميع، وربما يكون قد أشرك حزباً أو حزبين أو مجموعة من الأحزاب أو أدار حواراً داخليا مع بعض القوى؛ لكن لم ينشئ المنبر القومي الجامع لكل هذه القوى وباسمها؛ المبادرة اسمها "مبادرة أهل السودان"، وكان ينبغي أن يكون التحضير لها بمشاركة من كل أهل السودان ومن ثم يكون هذا هو مصدر قوتها، لأنه لو كان هناك مقدرة على إحداث تسوية أحادية لأنجزها المؤتمر الوطني منفردا خلال ست سنوات من الحرب، ولو كان ممكنا أن تقوم بالحل فئة دون أخرى لقامت به حكومة الوحدة الوطنية، وعمرها أكثر من ثلاث سنوات.

ولذلك فإن الحل الحقيقي لأزمة دارفور ينبغي أن يكون قومياً وشاملاً، وهذه المبادرة كان يمكن أن تكون مدخلا حقيقيا وصادقا لحلها، لو اكتمل الإعداد لها بشكل قومي وشكل جماعي. بمعنى أن المرحلة التحضيرية لم يتضح منها تشكيل أي لجنة ذات طابع قومي لتحدد أبعاد هذه المبادرة، لتكتب أجندتها، ولتحدد القوى المشاركة فيها، والموضوعات التي تطرح فيها، والاتصالات التي تمت مع حملة السلاح، وقيادة حملة السلاح في الخارج لأنه من المهم جدا إشراكهم، أو على الأقل معرفة ما يفكرون به. قد تكون قد وصلت إلى بعضهم الدعوات، وقد تكون هنالك بعض الاتصالات مع بعض الأحزاب، وكل هذا لا يعني إنشاء منبر قومي ليقود هذه المبادرة. إن هذه المبادرة مهمة وأساسية ولكن التقصير الذي حدث في إطلاق الصفة القومية عليها سيضعفها كثيراً على الرغم من التعويل عليها -خاصة وأنها طُرحت باسم أهل السودان- ومن ثم فإن تجمع أهل السودان على كلمة سواء وهو ما يمكن أن يساعد على إقناع حملة السلاح بأن يصبحوا جزءاً من الحراك نحو السلام في السودان، الذي أصبح مهماً في هذه المرحلة.

أما د. خليل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، فقد شن هجوما عنيفا على مبادرة أهل السودان ووصفها بالمبادرة الطائشة، ولا قيمة لها، على حد تعبيره، داعياً الحكومة السودانية، إذا كانت جادة لحل الأزمة في دارفور، إلى التفاوض وجها لوجه مع حركته، مبيناً بأن مطالبهم مشروعة ومعلنة وواضحة، مؤكداً جدية ورغبة العدل والمساواة في الوصول إلى اتفاق، والجلوس مع النظام إذا قدم تنازلات حقيقية.

 



[1] أصبح الآن في الميدان العديد من الحركات، ومنها:  حركة تحرير السودان برئاسة "منى أركو مناوي"، أي مجموعة حسكنيتة الموقعة مع الحكومة على أبوجا؛ وجناح القائد "صلاح جوك"، رئيس لجنة الترتيبات الأمنية في اتفاقية أبوجا ونائب رئيس هيئة الأركان في هيئة التحرير المنشق؛ ومجموعة "عصام الدين الحاج"، الناطق الرسمي باسم حركة تحرير السودان جناح أركو والمنشق عنه؛ ومجموعة قيادة شرق دارفور كردفان، بقيادة القائد الميداني "حافظ إسماعيل عبدالشافي"؛ وحركة تحرير السودان، جناح المحامي "عبدالواحد"؛ وحركة الإرادة الحرة، بقيادة البروفيسور "عبدالرحمن موسى" المنشق من جماعة عبدالواحد؛ وحركة المهندس "محمود مادبو"، رئيس جناح السلام المنشق من جماعة عبدالواحد؛ ومجموعة "أنو القاسم إمام الحاج"، موقع اتفاقية طرابلس والمنشق من "عبدالواحد محمد نور"؛ وجناح القائد "أحمد عبدالشافع" المنشق من حركة المحامي عبدالواحد؛ وحركة العدل والمساواة جناح الدكتور "خليل إبراهيم"، مؤسس الحركة الأم؛ وجناح السلام بقيادة "عبدالرحيم انو ريشة"، المنشق من حركة العدل والمساواة؛ وجناح الإصلاح بقيادة "إدريس إبراهيم أزرق"؛ وتنظيم التحالف الفيدرالي الديمقراطي، بقيادة "السيد دريج" وهو المؤسس له؛ وجناح البروفيسور "شريف حرير"، القيادة الميدانية.

[2] يُفسر الدعم القوي الذي جاء في قرار مجلس الأمن لجبريل باسولي، مقابل الطعن في قيادة البعثة، بأن مرده قرب باسولي من فرنسا، ومحاولته التقرب من الولايات المتحدة وبريطانيا.