إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر
(تابع) 1 - مفاوضات سنة 1921 - 1922 (عدلي - كيرزن) - محضر الجلسة الثانية في 13 يوليه 1921

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 96 - 109"

        عدلي باشا- إذا كانت حرب كبيرة لجأنا إلى حليفتنا الكبرى. أما أن يكون وجود الجيش لحماية المصالح الأجنبية فهذا ما لا وجه له. لأنه ليس بين المصريين والأجانب الذين يقيمون بينهم عداوة، ولا يضمر المصريون لهم أقل جفاء وقديما عرف المصريون بحسن الضيافة، وتاريخ مصر الحديث حافل بآثار التعاون بين أهالي البلاد والنزلاء. هذا من جهة ومن جهة أخرى. فإن الأجانب الذين تحل إنجلترا محلهم ليس لهم حق وضع جيش. وكيف يمكن أن يرى المصريون فرقا بين جيش إنجليزي لحماية الأجانب وبين الاحتلال الحالي.

        رشدي باشا- أسباب الهياج الذي حصل في الإسكندرية عرضية وستزول حتما. نعم إن وسائل الحماية المصرية غير كافية الآن ولكنها لن تكون كذلك دائما.

        عدلي باشا- حوادث الإسكندرية ليست إلا جزءا من الثورة المشتعلة في مصر من سنتين وفرعا عنها. وهذه الثورة ثورة أهلية ولا تخلو الثورات من حوادث، فلا يمكن إذن أن يترتب على حوادث الثورة قياس.

        اللورد كيرزن - إني أتكلم عن حوادث الخمس والعشرين سنة الأخيرة كلها، ولا إخال الدول تسمع لنا إذا أكدنا لها أن كل شيء سيتم بخير.

        رشدي باشا- ليس للأجانب التداخل في البوليس والأمن العام. فإذا حللتم محلهم حللتم بما لهم من الحقوق.

        اللورد كيرزن - لم يتداخل هؤلاء الأجانب لأن الجيش البريطاني كان موجودا.

        عدلي باشا- لم يقع قبل وجودة تداخل أجنبي. وإذا كان حق إنجلترا مستمدا من تنازل الدول لها عن حقوقها فليس يجوز أن تطلب حمايتهم بجيش.

        اللورد كيرزن- لو كانت الحوادث التي تقع صغيرة لهان الأمر، ولكن الحوادث تبتدئ بمشاجرات بسيطة، وتمتد فتقع على طائفة بأسرها ويصبح التداخل معها واجبا.

        عدلي باشا - بمناسبة الكلام في حوادث الإسكندرية، تذكرون أن لجنة عينت لتحقيق أسبابها والمسئولية فيها، وقد تحاشت الحكومة أن تمثل فيها حتى لا ترمى اللجنة يوما ما بالتحيز لمصلحتنا. وقد عرض علينا قبل سفرنا من مصر تقرير تلك اللجنة فلم تلّم به إلا إلماما سطحيا لضيق الوقت وكثرة المشاغل ومع أني أعتقد أن اللجنة توخت عدم التحيز في تحقيق الوقائع فإن النتائج التي انتهت إليها تلك اللجنة نتائج متطرفة، وأخشى إذا نشر تقريرها أن يستعمل سلاحا ضد الوزارة للزعم بأنها قصرت في الدفاع عن المصريين، وتركتهم يتهمون باطلا وتعلن تهمتهم في أرجاء العالم، كما أخشى من جهة أخرى أن يستعمل سلاحا ضد إنجلترا، وأن يقال إنها أرادت بتشكيل هذه اللجنة الاستفادة بتقريرها في المفاوضات لتبرير تداخلها في الشؤون المصرية.
<9>