إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في عيد العمال

         ولكن فجأة في سنة 55 فوجئنا بغارة إسرائيلية على مدينة غزة في فبراير سنة 1955، وكان الغرض من هذه الغارة أن تفرض علينا إسرائيل التسوية.

         وكان غرض هذه الغارة والغارات التي تلت هذه الغارة، نذكر جميعاً بعد سنة 55 أو من أول فبراير سنة 1955 بدأت الغارة على غزة، ثم استمرت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة وعلى القوات المصرية المرابطة على الحدود. وكان إسرائيل تعلن استراتيجيتها واضحة ولم تكن تفكر إنها تريد أن تفرض التسوية التي تريدها. ومعنى فرض التسوية هو فرض السلام، أو فرض التسوية بالسلاح، أي أن تفرض إسرائيل آراءها وما تريد على الأمة العربية جميعاً.

         بعد هذا أردنا أن نحصل على السلاح من بريطانيا، وأردنا أن نحصل على السلاح من أمريكا. ولكن لم ترض بريطانيا أن تبيعنا السلاح الذي أردناه، ورفضت أمريكا رغم وعودها في هذه الأيام أن تمدنا بأي نوع من أنواع السلاح الذي طلبناه. طلبنا دبابات أعداد قليلة، وطلبنا طيارات أعداد قليلة، ولكن لم نتمكن في سنة 55.

         وكانت إسرائيل في هذه الأيام تحصل على السلاح أساساً من بريطانيا ومن فرنسا، وكانت النتيجة الطبيعية لندافع عن نفسنا أن نعقد صفقة السلاح مع تشيكوسلوفاكي في سنة 1955، وكان لابد لنا أن نقوي قواتنا المسلحة من أجل الدفاع عن بلادنا. وكان من الواضح في سنة 55 أن إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل يعملون على التخطيط وعلى الترتيب لكسر القوة العربية.

         من أقوال زعماء إسرائيل ومن مذكرات زعماء إسرائيل التي نشرت بعد سنة 1956 وبعد 1957، كانت إسرائيل تخطط دائماً للحرب الوقائية، وكانت خطة إسرائيل دائماً أن لا تمكن الأمة العربية من أن تقوى وتصل إلى الدرجة التي تمكنها من أن تحافظ على إرادتها. وقال ديان في مذكراته بعد حرب 56 انهم قرروا في سنة 55 أن يهاجمونا مهما كان الأمر. ولكن كانت هناك مشاكل كثيرة وكانت هناك مشاكل صعبة وكانوا يريدون أن يعتمدوا على إحدى الدول الكبرى تساعدهم وتساندهم. وبدأو فعلاً مع فرنسا في هذا الوقت، وكانت فرنسا تشعر أنها لابد أن تقوم بعمل ضدنا هنا في مصر، لأن مصر في هذه الأيام كانت تساعد الثورة الجزائرية. وكان الاستعمار يلفظ أنفاسه الأخيرة في المنطقة، وأحس الاستعمار أن الوقت قد جاء لتخدمه الأداة التي كان قد صنعها، لتخدمه إسرائيل. وفي سنة 56 كانت هناك أحداث سياسية كبيرة. كنا نريد أن نبني، نبني السد العالي حتى نحصل على فائض من المياه لنزيد الرقعة المزروعة في بلادنا. كنا نريد أن نبني السد العالي حتى نحصل على 10 مليار كيلووات ساعة من الكهرباء لنتمكن من تصنيع بلادنا، ونحول هذا الوطن من بلد متخلف إلى بلد متقدم.

         وقالت أمريكا وبريطانيا، وكلنا نعلم في هذه الأيام، أنهما على استعداد لتمويل مشروع السد العالي.

<6>