(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في عيد العمال

         ولكن فجأة أعلنت أمريكا ، كما أعلنت بريطانيا، كما أعلن البنك الدولي سحب تمويل السد العالي. وهنا بدأت الأحداث السياسية تتوالى. ففي سنة 56 كان قرار تأميم قناة السويس من أجل تمويل السد العالي ومن أجل تمويل بناء الصناعات.

         وبعد هذا- أيها الأخوة- بدأ التآمر سنة 1956 إنجلترا كان عندها ما يبرر العمل ضدنا، انجلترا قد تقول وتبرر للعالم إنها تدخلت في سنة 56 وقامت بالعدوان على مصر لأن مصر أممت قناة السويس، وكانت إنجلترا تملك الجزء الأكبر من أسهم قناة السويس. وفرنسا دخلت الحرب، وقد تقول فرنسا وتبرر إنها دخلت الحرب واعتدت علينا في سنة 56 بسبب مساندتنا لحرب التحرير الجزائرية. أما فبماذا تبرر إسرائيل دخولها في الحرب سنة 1956. لقد كشفت كل هذه القصص الآن. مفيش سر، كل حاجة مكتوبة دلوقتي في الكتب، اتقال ان تمت اجتماعات سرية بين فرنسا وإسرائيل، حضر هذه الاجتماعات بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل، وحضر هذه الاجتماعات مندوب عن الحكومة البريطانية. وإن بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل طلب من فرنسا في هذه الأيام أن تعمل له مظلة جوية فوق إسرائيل أثناء العدوان الإسرائيلي على مصر، حتى تحمي إسرائيل من أي عمل مضاد من القوات الجوية المصرية، وأن فرنسا تعهدت بأن تعطية قوات جوية يدافع بها عن إسرائيل، وتعطيه أيضاً قطع بحرية لتدافع عن الشواطئ الإسرائيلية.

         دخلت إسرائيل، دخول إسرائيل في هذه الحرب، ما الذي كان يبرره؟ ليه دخلت إسرائيل هذه الحرب؟ إيه اللي حصل سنة 56 لما دخلت إسرائيل الحرب؟ أرسلنا الجيش إلى سيناء في سنة 56 لمواجهة العدوان وموقف القوات الإسرائيلية على الحدود أمام المقاومة في أبو عجيلة والمناطق الأخرى، ولكن بعد ثلاث أيام حينما بدأ العدوان الإنجليزي الفرنسي على بلادنا، وبدأت الغارات الجوية، قررنا سحب القوات من سيناء. وسحبنا القوات من سيناء إلى غرب قناة السويس. حينما انسحبنا من سيناء لنواجه القوات الإنجليزية والفرنسية التي بدأت العدوان علينا، وحينما دخل الجيش الإسرائيلي إلى سيناء، هذه البقعة الطاهرة من أرض وطننا. كان أول ما فعله بن جوريون رئيسي وزراء إسرائيل في ذلك الوقت هو إعلان ضم شبه جزيرة سيناء إلى إسرائيل، ولكن لم يتمكن بن جوريون أن يحافظ على هذا القرار، لقد خرجوا وانسحبوا من الأرض المحتلة واضطروا للخروج، ولكنهم في هذه الأيام كشفوا عن نواياهم. خرجوا لأن الحملة البريطانية الفرنسية عجزت عن قهر إرادة الشعب المصري، ولأن الإنذار السوفيتي خلق موقفاً دولياً خطيراً، ولأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن قد استشيرت في العملية ووجدت نفسها على غير استعداد أمام مسئوليات قد تكون وخيمة العواقب، خرجت إسرائيل وانسحبت إسرائيل في سنة 57، ولكن إسرائيل وقادة إسرائيل من يومها كانوا يستعدون لمعركة أخرى. من أقوال زعماء إسرائيل وقادة إسرائيل ومذكرات إسرائيل المنشورة والتي صدرت بعد سنة 67، قالت انهم كانوا يريدون هذه المعركة في المدة ما بين 66 و 70، ليه كانوا يريدون هذه المعركة قبل أن تستكمل مصر بناء قواتها وقبل أن تدخل مصر في مرحلة الإنطلاق، قبل أن يتم بناء السد العالي، قبل أن تتم خطط التسليح، قبل أن تتم خطط تطوير الصناعة واستصلاح الأراضي الجديدة. كانت

<7>